بوابة الخلود: مصر تستعد لإبهار العالم بافتتاح المتحف الكبير

ذانيوز أونلاين//  تستعد مصر لإعلان افتتاح المتحف المصري الكبير رسميًا، بمشاركة قادة وملوك العالم، ليصبح هذا الصرح الثقافي العملاق أكبر متحف أثري مخصص لحضارة واحدة في التاريخ البشري. يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نادرة، بما في ذلك كنوز الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في مكان واحد، وسط احتفالية تستمر ساعة ونصف تمزج بين الموسيقى الفرعونية والكلاسيكية، مما يعزز مكانة مصر كحارسة للتراث العالمي ووجهة سياحية تجذب ملايين الزوار سنويًا.

يأتي هذا الافتتاح المنتظر بعد رحلة طويلة تمتد عقودًا، حيث تبدأ الفكرة في تسعينيات القرن الماضي، ويُوضع حجر الأساس عام 2002 في موقع استراتيجي يطل مباشرة على أهرامات الجيزة الخالدة. يشرف على التصميم معمارون دوليون برعاية اليونسكو، من خلال مسابقة تجذب 1557 مشروعًا من 83 دولة، ليصبح المبنى الذي يمتد على 300 ألف متر مربع نموذجًا للاستدامة البيئية كأول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط، حائزًا شهادة "EDGE Advance" لعام 2024.

يشهد الحفل، الذي يُعقد في تمام الساعة السابعة مساءً، حضورًا دوليًا رفيع المستوى، مع وفود من رؤساء وملوك، يتبع الاحتفالية جولة خاصة داخل القاعات الرئيسية. يدير العرض الموسيقي المايسترو ناير ناجي، بمشاركة 78 عازفًا مصريًا وعشرات من الدوليين، تحت إشراف الموسيقار هشام نزيه، الذي يصمم أنغامًا تعبر عن "سلام الحضارات". وفقًا لتصريحات مسؤولي المتحف، يهدف الصرح إلى استيعاب خمسة ملايين زائر سنويًا، مع قاعات عرض تفاعلية ومكتبة أثرية ومركز ترميم يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، مما يعكس التزام مصر بتوثيق تاريخها للأجيال القادمة.

من أبرز ما يميز المتحف، الدرج العظيم الذي يرحب بالزوار بتماثيل عملاقة لرمسيس الثاني وسنوسرت وبسماتيك الأول، بالإضافة إلى قاعتي توت عنخ آمون اللتين تعرضان الكنوز الذهبية والمجوهرات التي تذهل العالم منذ اكتشاف مقبرته عام 1922. كما يشمل المشروع حديقة متحفية ومناطق ترفيهية، مدعومة بتمويل دولي رئيسي من وكالة التعاون الدولي اليابانية (JICA)، التي تساهم بقروض ميسرة لتحقيق هذا الحلم الوطني. ويُعد هذا الافتتاح تتويجًا لجهود تستمر أكثر من عقدين، مع نقل آلاف القطع الأثرية من متحف التحرير بأمان تام، لتكتمل الصورة في سياق يجمع بين التراث الفرعوني واليوناني والروماني.

يأتي الافتتاح في وقت يشهد فيه العالم إعادة اكتشاف جذور الحضارات القديمة، حيث يصبح المتحف وجهة أولى للباحثين والسياح، مع أسعار تذاكر ميسورة تبدأ من بضعة دولارات للمصريين وتصل إلى 30 دولارًا للأجانب، وتفتح أبوابه للجمهور العام بعد أيام قليلة. يعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن اعتزازه بالمشروع، مشددًا على أنه "يعكس ريادة مصر الثقافية عالميًا"، فيما تقول خبيرة آثار دولية إن "هذا المتحف ليس مجرد مبنى، بل جسر يربط الماضي بالمستقبل، يدعو الجميع إلى التأمل في إرث يلهم الإنسانية بأكملها".

مع اقتراب غروب الشمس خلف الأهرامات، وأنوار المتحف تستعد لإضاءة السماء، تبدو مصر على أعتاب فتح صفحة جديدة في كتاب التاريخ، حيث يصبح التراث نبض حي يدفع عجلة التنمية الثقافية والاقتصادية. هل يشكل هذا الافتتاح شرارة ثورة سياحية تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط الثقافية؟ الزمن سيجيب قريبًا، لكن اليوم، يفخر كل مصري بأن حضارته تقترب من قلوب العالم أكثر من أي وقت مضى.