في 11 جويلية 2019 انطلقت فعاليات الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي بعلاماته المميزة: "النشيد الوطني التونسي" متبوعا ب"هكذا تحدث زراداشت". مع حرص على دقة التنظيم ورغبة شديدة في إمتاع جمهور قرطاج العظيم ببرمجة متنوعة من تونس والوطن العربي ومناطق مختلفة من العالم.
مع فنانين تختلط في تجاربهم قوة الحضور الجماهيري من جهة وعمق التفاصيل الفنية التي تسمو بالروح من جهة ثانية بأزيائهم المميزة. بألوانهم التي تبعث على الدفء والحياة.
وبحركاتهم الدقيقة والناعمة، قدم باليه "سان بيترسبورغ" للمرة الأولى في إفريقيا عرض "بحيرة البجع" في افتتاح الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي ليلة الخميس 11 جويلية 2019. واحدة من روائع الموسيقى الكلاسيكية العالمية التي ألفها تشايكوفسكي وقدمها مسرح البولشوي لأول مرة سنة 1877 وبعدها قدمتها عديد الفرق الروسية والعالمية وتجاوزت نسخها المعروضة أكثر من مائة نسخة. أما ليلة الجمعة 12 جويلية 2019 فكانت فرصة لاكتشاف واحدة من الطقوس اليابانية عبر "رقصة آوا" التي قدمها الباليه الياباني.
والرقصة تشاركية، يدعو خلالها الراقصون الجمهور لمشاركتهم إيقاعها والتماهي مع نغماتها... تلك هي القاعدة أو العادة التي اقترنت بهذه الرقصة الفلكلورية القادمة إلينا من اليابان وتحديدا من مدينة آوا المحاصرة بالبحر أما يوم الاثنين 15 جويلية 2019 فكان استثنائيا مع "ملوك الطوائف" لمنصور الرحباني. مسرحية تستحضر تاريخ العرب المليء بالانتصارات والخيبات. بالخيانة والخضوع من إخراج "مروان الرحباني"، إنتاج "مروان، غدي وأسامة الرحباني" وبطولة "هبة طوجي" و"غسان صليبا" الذي غنى معه جمهور قرطاج بمنتهى الحماس: "إذا راح الملك بييجي ملك غيرو، إذا راح الوطن ما في وطن غيره. اسمعوا يا كل الملوك" واستمتع الجمهور بهذه المسرحية المتفردة في عرض ثان يوم الثلاثاء 16 جويلية 2019 وكان كل شيء مذهلا: المسرحية والجمهور.
أما يوم الخميس 18 جويلية 2019 فكان الموعد مع الفنانة السورية "فايا يونان" التي كان قرطاج محطة فاصلة في مسيرتها منذ سنتين وعادت إليها لتثبت أنها جديرة بما قدمه لها وتواصلت فعاليات الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي بعرض للفنانة "لطيفة العرفاوي" ليلة الجمعة 19 جويلية 2019 التي احتفى الجمهور بعودتها إلى قرطاج بعد تسع سنوات من الغياب، ولم تخذله هي ببرمجة احتفائية غنت خلالها كل ما اشتهاه الجمهور ورقصت معه أما السبت 20 جويلية 2019 فكانت ليلة لاكتشاف صوت استثنائي هو"أدهم النابلسي"، أثبت في سهرته على ركح المسرح الروماني بقرطاج أنه جدير بالغناء ضمن الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي.
ليعيد إلى الأذهان قصة "ناصيف زيتون" الذي غنى منذ سنتين في المسرح نفسه، وكان في بداياته وصار اليوم أحد نجوم الصف الأول في الوطن العربي وشهدت سهرة الأحد 21 جويلية 2019 حضور السيد "يوسف الشاهد" رئيس الحكومة والدكتور "محمد زين العابدين" وزير الشؤون الثقافية إلى جانب جمهور كبير العدد في عرض الفنان الجزائري "سولكينغ" وهو حاليا من نجوم الصف الأول في أوروبا والمغرب العربي. يقدم الراي ممزوجا بالريغي والهيب هوب والسول.
وجمهوره في تونس يتابع مسيرته باهتمام، وينتظر جديده، ويحب أغانيه والدليل أنه يتصدر ترتيب "tendances" على اليوتيوب في كل إصدار جديد له تونس كانت حاضرة بقوة في الأيام الثلاث الأخيرة في برمجة قرطاج لشهر جويلية.
وفي العروض الثلاثة كان النجاح الجماهيري والفني عنوانا رئيسيا، فوجيهة الجندوبي استطاعت استقطاب جمهور كبير العدد في عرضها "بيغ بوسا" ليلة الاثنين 22 جويلية 2019 وكانت أميرة قرطاج بحضورها الركحي، وطاقتها التمثيلية وتمكنها من فن الارتجال وكانت ليلة الثلاثاء 23 جويلية 2019 فرصة لاكتشاف ثلاث تجارب موسيقية تونسية: لينا بن علي، زياد الزواري، ونضال اليحياوي.
ثلاث تجارب مختلفة تثبت أن الموسيقى التونسية قادرة على الذهاب أبعد من حدودنا أما ليلة الأربعاء 24 جويلية 2019 فكانت مؤثرة وممتعة ودافئة مع الفنان الكبير "عدنان الشواشي" الذي لم يخذله الجمهور بالحضور، ولم يخذله هو بصوته العذب وحضوره الأنيق على الركح. جمهوره الذي وقف احتراما له لحظة دخوله ركح المسرح الروماني بقرطاج، وحاصره بالسلفيات بعد الحفل جاء حبا له، واستعاد من خلال صوته وأغانيه محطات من حياته.
إنه رفيق درب الكثير منا توقف مهرجان قرطاج الدولي في الأسبوع الأخير لشهر جويلية حدادا على رحيل الرئيس التونسي "محمد الباجي قائد السبسي". وتتواصل فعالياته ابتداء من يوم الخميس 01 أوت 2019 تحت عنوان كبير "وليبدأ المهرجان من جديد..."