دون أن يرى الدورة الجديدة لأيام قرطاج السينمائية مكتملة وهي تستقبل جمهورها وصناعها. تمر الأيام بسرعة والحقيقية ثابتة لا تتغير: توفي "نجيب عياد". هو الذي مر بتجربة الفقد لمن يحب أكثر من مرة. اختبار عسير تخطاه بقدرته على التحمل. لكن هذا الاختبار مؤلم جدا لرفيقة دربه "نجاة النابلي" التي مازالت تبكيه، وفي إحياء السينماتاك بأربعينيته مساء السبت 28 سبتمبر 2019 بقاعة الطاهر شريعة لم تقل شيئا.
تحدثت بدموعها فقط. حضر الأربعينية عدد من أصدقاء الراحل "نجيب عياد": "علي بنور"، ""ليلى طوبال"، "أمين بوخريص" إلى جانب المخرج "عبد اللطيف بن عمار" الذي عرض له بالمناسبة فيلمه "سجنان" الذي قال إنه وزارة الثقافة آنذاك منعته من العرض في القاعات، وقد حارب مع "نجيب عياد" من أجل تقديمه في نوادي السينما.
والراحل ابن هذه المدرسة: نوادي السينما من جهة التي أسس من أجلها مهرجان سوسة لفيلم الطفولة والشباب، والنضال من أجل حرية التعبير. حرية السينما. وفيلم "سجنان" هو ثاني الأفلام الروائية الطويلة للمخرج "عبد اللطيف بن عمار" تحصل به على التانيت الفضي من أيام قرطاج السينمائية 1974 في هذا الفيلم يتناول "عبد اللطيف بن عمار" مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار ليقوم بقراءة تاريخية لأسباب تراجع البرنامج الثوري للحركة الوطنية وتراجعه على المسار الراديكالي عند بناء دولة الاستقلال.
وواجه "سجنان" مفارقة كبيرة جدا، فلئن لم يتمكن من الحصول على تأشيرة للعرض ليطاله سيف الرقابة فلقد اختارته وزارة الثقافة لتمثيل بلادنا في عديد المهرجانات الثقافية والأسابيع الثقافية على المستوى العالمي. إلا أنه وبالرغم من المنع والرقابة فقد عرف الفيلم نجاحا كبيرا خاصة لدى الشباب الرافض والثائر.
فلم يخل لقاء أو تربص لجامعة نوادي السينمائيين الهواة من عرض هذا الشريط والخوض فيه والنقاش من خلاله حول أزمة مشروع الدولة الوطنية.