تنطلق الحكاية من كوكب الأرض، قارّة افريقيا، الجمهورية التونسي، ولاية سيدي بوزيد بالتحديد معتمدية الرقاب لنصل إلى قرية الرضّاع، تذهب بنا فاطمة في رحلة من تونس العاصمة إلى ولايتها الأم لتمرّ على عديد ولايات الجمهوريّة.
تحدّثنا فاطمة الفالحي خلال هذه الرحلة عن سيرتها الشخصيّة وتقحم في روايتها تفاصيل من حياتها الشخصية وعن عائلتها، اسمها الحقيقي وتصف لنا أفراد عائلتها بكلّ تفاصيلهم. اعتلت المسرح وحيدة بفستانها المزهر، ركح خال يلفّه الظلام إلاّ من رقعة ضوء سلّطت على كرسيّ وقارورة مياه ترشّفت منها ما يبلّ ريقها بين الفينة والأخرى لتواصل سرد قصّة بثّت فيها روحها من خلال ابتساماتها ورقصاتها حينا وصياحها وسخطها أحيانا.
أثارت فاطمة الفالحي في قصّتها التي كتبتها مع خولة الهادف ويسر القلعي، العديد من المواضيع الراهنة مثل الروابط العائلية، وتعليم الإناث، والحريات الفردية، والمساواة في الميراث، وتمرّدت في حكايتها المبنيّة على تفاصيل حياتها الخاصة على كلّ السلط الذّكوريّة، على سلطة الأب، سلطة الأستاذ والمعلم والمدير الذي رفض دراستها للمسرح وغيرها من التفاصيل التي تظهر فيها فاطمة بطلة القصة سخطها على المجتمع الذي نشأت فيه.
اعتمد العمل على الفيديو لبناء خلفية كانت تسند فاطمة الفالحي وهي تروي حكاية تبدأ باتصال هاتفي من أسرتها حيث يطلب منها أن تعود من العاصمة إلى القرية في أسرع وقت. توحي الفالحي لمشاهديها بأنها ترفض بشكل قاطع أن تَخضع لأوامر الأسرة وهي التي استقلّت بحياتها منذ سنوات، غير أننا سرعان ما نجدها في طريق العودة، وتلك الرحلة من تونس العاصمة إلى قريتها تمثّل العمود الفقري للحكاية التي ترويها المسرحية.
وبين أداء فاطمة المليء بالأحاسيس والمشاعر الحقيقية مما جعلها يطفو عفوية ازدانت باللهجة العاميّة والألوان والموسيقى التي أضفت روحا مختلفة على أداء الممثلة على الركح في سردها للأحداث والتي طفت بالجمهور على الرّكح قبل أن تعانق السماء في نهاية العرض الذي انتهى بالتصفيق والصّفير الحارّ احتراما واعجابا بأداء مونودرامي فردي انبثق من الأعماق.