أكد الثنائي الموسيقي نور وسليم عرجون حضورهما الفني بتميز في الجزء الأول من السهرة من خلال باقة أغاني باللهجة التونسية تعكس عالما موسيقيا ثريا معاصرا ومتعدد الالوان من أبرزها "ليك سنين" " streams"، التي ترجمت حالة إبداع وجنون موسيقي في الأداء الفردي لسليم عرجون، وهو ما عكس مشهدا تماهت فيه روح الفنان مع الالة الموسيقية. خلال عرضهما الأول بمهرجان قرطاج قدّم الثنائي عرجون للجمهور الشبابي الذي ملأ الفضاء أغنية "هيام" و "تراب" الصادرة في ماي 2020 وهي من تأليف هيام علوي ووالدتهما ليلى جلال. هذه الاغنية صنعت فارقا في مسيرة الأخوين إذ كانت جنريك العمل الدرامي التلفزيوني "حرقة 2" للمخرج لسعد الوسلاتي الذي عرض في رمضان الماضي، هذا إلى جانب أغاني أخرى مثل "Wayo" التي قُدّمت للمرة الأولى وقال سليم انها أعدت خصيصا للمهرجان. قدمت هذه الأغاني بانسجام وتناغم بين الكلمة التونسية والإيقاع الغربي العصري.
وشهد العرض حضورا وتفاعلا جماهيريا هامّا ملأ مدرجات المسرح كان أغلبه من الشباب. كان التميز جليا في عرض الأخوين عرجون من خلال التناغم الواضح والملموس بينهما وبين بقية أفراد الفرقة المتكونة من الأخوين يوسف سلطانة على "الباتري" ومروان سلطانة على "الغيتار" اللذان ساهما في تحقيق نجاح مشروع الأخوين بالإضافة الى حبيب بن عطية وراضي الشوالي وبهاء بن فضل اللذان أضافا بريقا للعرض من خلال عزفهم على الكمنجة. يأتي هذا النجاح على أهم المسارح وضمن أعرق المهرجانات، بعد اعوام من العمل الجادّ المبني على الدراسة والبحث والشغف بالموسيقى والتشارك مع المقربين. هذا الحس الفني ليس محض صدفة بل هو كما عبرت عنه نور عرجون في الندوة الصحفية التي انتظمت إثر العرض نتيجة تشجيع والدتهما التي ألحقتهما بمعهد الموسيقى منذ الصغر، هذه الأم المساهمة في العديد من انتاجاتهم الفنية (كتابة الأغاني) والعلاقة الوطيدة التي تجمعهم. عن سر نجاح وتقدم مشروع الأخوين عرجون، اعتبرت نور أن ذلك يعود بالأساس إلى التعاون الفني مع موسيقيين شبان في تونس من بينهم هيام علوي و أحمد دعاس وكذلك من الخارج وهو ما يعكس ثراء المنتوج الفني الذي لامسه الجمهور من خلال مشاركة بعض أعضاء نادي Tunisia88 . من جانبه عبر سليم عرجون عن امتنانه الكبير لتواجده على مسرح قرطاج العريق وتقاسم السهرة مع الفنان الفلسطيني فرج سليمان لتشابه ألوانهم الموسيقية وجمهورهم الشبابي.
تواصل الحفل الفني في جزئه الثاني بصعود الفنان الفلسطيني فرج سليمان على الركح والذي استقبله الجمهور بالهتافات حاملين علمي تونس وفلسطين طوال السهرة.
افتتح الفنان الجزء الثاني من السهرة مع أعضاء فرقته السبعة بآلاتهم الموسيقية المختلفة وعزفوا ايقاعات الجاز والتانغو بمقطع موسيقي حمل عنوان First Night وعبر في كلمته الأولى عن امتنانه بالحفاوة والترحيب الذين لقيهما من الجهور التونسي. وأضاف أن: "تونس هي أكثر مكان أمن لتواجد الفلسطينيين".
سافر فرج سليمان بالجمهور إلى شوارع فلسطين العتيقة عبر أغنية "شارع يافا" و "صلاة" وقدّم في محطات لاحقة من العرض أغان ساخرة وناقدة تصور واقعا عبثيّا لا يزال يعيشه الشعب الفلسطيني.
كان الفنان في عرضه مصحوبا بثلة من الأسماء الشابة نذكر منها سامية الحامي وإشراق مطر ومحمود التركي الذين قدموا معه أغنية "خلصنا أغناني" و "بلا طعمة".
أدى الفنان جميع أغانيه باللهجة الفلسطينية تأكيدا على هويته وانتمائه للقضية الفلسطينية. هذا الدعم الذي أكده خلال الندوة الصحفية الخاصة بالمهرجان قبل العرض بيوم، حيث أن عنوان ألبومه الأخير "أحلى من برلين" مستوحى من مسقط رأسه حيفا بفلسطين التي يعتبرها أحلى من برلين ومن كل بقاع العالم. والسبب في اختيار برلين هو أنها تعد الوجهة المفضلة لهجرة الشباب الفلسطيني.
الفقرة الأخيرة لسهرة فرج سليمان كان لها رونق خاص مع الأغنية الشهيرة التي تفاعل معها الجمهور وردد أغلب كلماتها "في أسئلة براسي". لاقت هذه الأغنية صدى طيبا على المستوى العالمي لرقة كلماتها والحنين الذي تبعثه في نفس المستمع لتجعله في تواصل مع ما يمر به الشعب الفلسطيني.