ويشير الكاتب إلى أن "الرهان الذي وضعته الولايات المتحدة وحلفاؤها عليه قاد إلى غزو الكويت عام 1990، ومن هنا بدأت (الحروب التي لا تنتهي) في الشرق الأوسط التي تشتكي منها بشكل عام مؤسسة السياسة الخارجية".
ويقول ديل: "بعد 30 عاما فإن هذه النخبة والساسة الذين يقدمون لها التقارير يقومون بتكرار الخطأ ذاته، رغم قولهم إنهم يمقتون جرائم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بما فيها الجريمة الشنيعة لقتل الصحافي جمال خاشقجي، وتعذيب وسجن النساء المطالبات بحقوق على نطاق أوسع للمرأة، ويرون الحملة العسكرية في اليمن بأنها كارثة مثقلة بجرائم الحرب".
ويجد الكاتب أنه "مع ذلك، ففي القمة الأخيرة لمجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، التي نظمت الأسبوع الماضي، تجمعوا مبتهجين حوله، وليس الرئيس دونالد ترامب فقط، لكن أيضا رؤساء الوزراء والرؤساء من الدول الديمقراطية الأوروبية، وليس هؤلاء فقط، بل أيضا قادة الهند وكوريا الجنوبية واليابان، الذين استقبلوا محمد بن سلمان بحرارة في الأشهر الستة الماضية".
ويلفت ديل إلى أنه "عندما تسألهم عن السبب فإنك تحصل على الجواب المألوف: ولي العهد، المعروف أيضا باسم (أم بي أس) هو الفرصة الأفضل لتحديث السعودية، وهو يخوض حربا ضد التشدد الإسلامي، وهو متحالف معنا ومع إسرائيل ضد إيران. والبدائل عنه أسوأ".
ويرى الكاتب إن "تصميم الساسة وصناع السياسة على التمسك بهذه الرؤية الضيقة يمكن رؤيته من خلال المحاولة الفردية التي تقوم بها المقررة الخاصة في الأمم المتحدة لقضايا القتل خارج القانون والإعدام التعسفي، أغنيس كالامار، فقد قامت بمبادرة منها بتحقيق استمر خمسة أشهر في جريمة قتل خاشقجي في القنصلية السعودية العام الماضي، وفي 19 حزيران/ يونيو قدمت تقريرا مدويا، يظهر أن خاشقجي كان (ضحية إعدام مدبر ومقصود وقتل خارج القانون تتحمل مسؤوليته الدولة السعودية)، وأن محمد بن سلمان متواطئ في هذه العملية وفي محاولة التغطية التي أعقبت الجريمة".
وينوه ديل إلى أن "كالامار دعت إلى وقف التحقيق مع 11 شخصا متهما بالجريمة، والبدء بتحقيق مستقل بناء على أمر من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتريش، أو مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، ودعا التقرير لفرض عقوبات على محمد بن سلمان وأرصدته الخارجية (حتى وما لم يقدم أدلة موثوقة تثبت أن لا علاقة له بالجريمة)".
ويقول الكاتب إن "الصمت الرسمي المطبق الذي استقبل به التقرير كان واضحا، فلم يرد غويتريش على طلب كالامار بتحقيق مستقل، وحتى الأسبوع الماضي لم يتلق بها، والتزمت أوروبا أيضا بالصمت، وفي قمة العشرين التقى ترامب مع محمد بن سلمان على مأدبة إفطار، وأعلن أنه (يقوم بعمل باهر)، وعندما سئل لاحقا عن جريمة قتل خاشقجي أجاب ترامب بأنه لا يوجد ما يشير مباشرة (بأصبع الاتهام) إلى ولي العهد السعودي، رغم ما توصل إليه تقرير كالامار وتقييم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) قبله".
ويفيد ديل بأنه في زيارة لكالامار إلى واشنطن الأسبوع الماضي لم تغير موقفها، وقالت في كلمة لها في معهد بروكينغز: "حاولت الكثير من الدول دفن الجريمة قائلة: (دعونا نمضي للأمام) لكن الجريمة لن تختفي"، وقالت في زيارة لصحيفة "واشنطن بوست" إنها تعتمد على الولايات المتحدة لتحقيق العدالة، "أعتقد أن هذا هو المكان الذي يجب أن تنجح فيه المحاسبة".
ويعلق الكاتب قائلا: "لا يزال هناك أمل، حيث يطالب المشرعون في مجلس النواب مدير الأمن القومي بتقديم تقرير عن المتورطين في جريمة قتل خاشقجي، ويطالبون بمنع منحهم تأشيرات زيارة إلى الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تنظر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في قرارات أخرى، لكن طالما بقي ترامب في الرئاسة فلن يواجه محمد بن سلمان عقوبات، فالقرارات الصادرة عن الكونغرس كلها تستثنيه أو تمنح ترامب سلطات للقيام بهذا الأمر".
ويختم ديل مقاله بالقول: "مثل صدام حسين قبله، فقد استنتج محمد بن سلمان أنه محصن، فالنساء اللاتي أمر بتعذيبهن في السجن، فيما تواصل طائراته قصف اليمن، ويقوم باتخاذ الخطوات الأولى للحصول على أسلحة نووية، ولأن الحكومات الغربية لا تعمل على وقفه، فستقوم بذلك لاحقا عندما يكون الثمن أغلى".