الصناعات الصيدلانية في تونس في مواجهة التحديات

عنوان  ندوة ينتظمها منتدى حقائق  الطبي العالمي يومي 28 و 29 جوان

يشهد قطاع الأدوية في تونس أزمة لا مثيل لها مسجّلا نقصا ملحوظا في  أدوية أساسية وحيوية  أو ندرة البعض منها في ما يتعلّق بالمخزون . وفي هذا الإطار وجدت الصيدلية المركزية للبلاد التونسية المورّد الوحيد للدواء في تونس نفسها  في حرج كبير بما أن المزودين باتوا لا يرغبون في تلبية طلباتها بسبب تأخرها في تسديد ما عليها من مستحقات مالية لفائدة هؤلاء المزوّدين  وكذلك عجزها عن استخلاص ديونها لدى أهم حرفائها على غرار المستشفيات العمومية والصندوق الوطني للتأمين على المرض  حيث تبلغ تلك الديون حوالي 880 مليارا ( 440 مليارا لكلّ منهما تقريبا ).

وتمثّل الأدوية التي سجّلت نقصا واضحا في السوق الأدوية المستوردة أساسا والتي لا نستطيع صناعة الجنيسة  (génériques ) منها في تونس.

ومن جهة أخرى فإن الصناعة الصيدلانية التونسية وهي صناعة ذات قيمة عالية وتغطّي أكثر من 50 بالمائة من احتياجات  السوق التونسية ويبلغ رقم معاملاتها نحو 700 مليون دينار وتشغّل 6000 شخص نصفهم من الكوادر الحاصلين على شهائد عليا وتصدّر بما قيمته 60 مليون دينار نحو 20 بلدا إفريقيا  تجد نفسها اليوم مهددة  بانهيار بطيء وربما لا رجعة فيه ومكبّلة بجملة من التشريعات  والقوانين التي تضيّق عليها الخناق كل يوم إلى درجة قد تحبس معها أنفاسها . وعلى هذا الأساس فإن التحديات التي يتحتّم على الصناعة الصيدلانية التونسية مواجهتها كبيرة ومهمّة جدا ومنها بالخصوص تراجع قيمة الدينار وانحداره إلى أسوأ مستوياته وتراجع التصدير والبطء في الحصول على التراخيص اللازمة لتصنيع الدواء وتسويقه(AMM )  والشروط الجديدة المفروضة على الأدوية في إطار مفاوضات التبادل الحرّ(ALECA )  وغيرها...

وأمام هذا الوضع المزري وأمام أزمة الدواء التي تمسّ المواطن التونسي مباشرة في أغلى ما عنده وهو صحته لم يعد متاحا لنا أو مسموحا بأن نبقى سلبيين.

 وعلى هذا الأساس من الضروري جدا الإعلان عن هذا النقاش على أوسع نطاق وتشريك مختلف الفاعلين في الميدان على غرار الإدارة والصيدلية المركزية  للبلاد التونسية والصناعات الصيدلانية المحلية ومتعددة الجنسيات والمهنيين في القطاع الصحي ومستهلكي الدواء ووسائل الإعلام والمسؤولين السياسيين وغيرهم.

ولهذه  الأسباب فإن المنتدى الطبي الدولي لمجلة " حقائق " أخذ على عاتقه المبادرة من خلال تنظيم  ندوة تحت عنوان : " الصناعات الصيدلانية في تونس في مواجهة التحديات " التي تستضيفها مدينة الحمامات يومي 28 و 29 جوان الجاري تحت إشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

وتهدف هذه الندوة أساسا إلى دراسة الأسباب الحقيقية لأزمة قطاع الدواء في تونس  وخاصة اقتراح الحلول للخروج من  هذا الوضع من أجل أن نضمن للمواطن التونسي حقّه في تناول أدوية ذات جودة  هامة.

وللتذكير فإن لمجلة " حقائق " قصة طويلة مع الكفاح من أجل الصحة ... قصة غنية بتجربة 20 سنة من الندوات الطبية والمنتديات  واللقاءات  الدولية . فمنذ أكثر من 20 سنة تعتبر " حقائق " أنه بالإضافة إلى دورها  الإعلامي الكلاسيكي  عليها أن تكون محرّكا للأفكار كفاعل في المجتمع المدني . وهي تريد أيضا أن تفضي هذه الجهود إلى اهتمام أكبر وتفكير أعمق في الرهانات التي تواجهها بلادنا ولعل من أهمّها الصحة.

وقد أفضى هذا الإهتمام الحقيقي بالصحة إلى خلق  تظاهرة علمية وطبية  سنوية عالمية وموثوق بها هدفها الأساسي  الدفع نحو الحوار  حول المسائل الكبرى  المتصلة بالسياسة الصحية في تونس وفي إفريقيا ... ومن هنا ولدت " ندوة  حقائق الطبية الدولية" .

وقد تم التطرّق في مناسبات عدّة إلى مواضيع على غاية من الأهميّة على غرار " الصناعة الدوائية في تونس والتصدير : المثال الإفريقي " أو " التحديات و آفاق التغطية الصحية  في المغرب العربي " أو " الإستعمال العقلاني للمضادات الحيوية " أو " الأدوية الجنيسة " وغيرها من المواضيع المتعلقة بالصحة . ولم تكتف " حقائق " بدفع الأطراف الفاعلة نحو مناقشة هذه المواضيع فقط بل جعلتها تجد أطيب الصدى ليس فقط لدى المهنيين في القطاع الصحي بل لدى الجمهور الواسع وصنّاع القرار .