رؤية مصرية جديدة للمصالحة واجتماع للفصائل للاتفاق على المرحلة المقبلة

طرح الوفد الأمني المصري الذي زار الضفة الغربية وقطاع غزة أخيرا، طرح خلف الأبواب المغلقة رؤية جديدة لإنهاء حالة الانقسام، وإتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، من خلال العودة الى تطبيق اتفاقيات سابقة وقعت الفصائل الفلسطينية عليها، في مسعى لوضع حد لحالة الانقسام القائمة، من خلال «مقاربات» في المواقف حول كيفية البدء بتنفيذ اتفاق يشمل تمكين الحكومة الفلسطينية من إدارة غزة.

دعوة للتكتم على سير المباحثات

ودفع الوفد المصري وفقا للـ"القدس العربي " خلال جولته الأخيرة التي بدأها يوم الخميس الماضي وانتهت السبت، بعقد اجتماعين، واحد مع قيادة فتح في رام الله، والثاني مع قيادة حماس في غزة، باتجاه فرض «التكتم والسرية» على مباحثاته، وهو أمر ظهر جليا، حيث لم يقم أحد من قادة الحركتين بالحديث عن تفاصيل ما جرى في غرف الاجتماعات، فيما أبلغ الوفد المصري قادة الفصائل الفلسطينية في غزة بـ «عموميات» حول طرق حل إشكالية تطبيق بنود المصالحة. فالمعلومات التي حصلت عليها «القدس العربي» تؤكد أن المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، وخلال اتصالاتهم السابقة التي تمت قبل وصولهم إلى رام الله وغزة، وتمثلت بلقاءات عقدت في القاهرة مع اللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية، وأحد المقربين من الرئيس محمود عباس، ومع الدكتور موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، طلبوا من قادة الحركتين إبقاء «السرية التامة» حول الأفكار المطروحة بشأن المصالحة، وتجنب «التراشق» عبر وسائل الإعلام، لضمان نجاح المهمة هذه المرة.

وغادر الوفد الأمني المصري رام الله، تاركا لقادتها المقترحات لدراستها والتفكير بها بشكل جدي، حيث لم يحسم بعد الموقف النهائي من هذه التصورات، التي تشمل البدء بشكل عملي بتطبيق بنود اتفاق المصالحة في 12 اكتوبر/ تشرين الأول 2017، وهو أمر في حال سار كما هو مطلوب، سيستدعي طلب المخابرات المصرية من قادة فتح وحماس الحضور الى القاهرة لعقد «لقاءات ثنائية»، للبدء في مرحلة جديدة، وتنشيط اتصالات المصالحة بشكل أكبر.

وهنا يدور الحديث حسب التسريبات، عن خطة مصرية تحمل «مقاربات» في المواقف بين فتح وحماس، حول تطبيق بنود اتفاق المصالحة، والخاصة بتسليم واستلام قطاع غزة، ليكون تحت إشراف الحكومة الفلسطينية، حيث كانت فتح تطلب في السابق أن تتسلم القطاع حكومة التوافق التي استقالت قبل أشهر، وشكل بدلا منها حكومة تشارك فيها فصائل منظمة التحرير ويرأسها الدكتور محمد اشتية.

المقاربات الحالية تدور حول تلبية مطالب الطرفين، بتسليم القطاع للحكومة الحالية، حسب طلب فتح، التي كانت تدعو لهذا للأمر، قبل الأزمة التي أدت إلى توقف العمل باتفاق المصالحة في مارس/ آذار من العام الماضي، عقب حادثة تفجير موكب رئيس الوزراء ومدير المخابرات لدى دخوله قطاع غزة، وحماس التي تطالب بأن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لعقد انتخابات عامة.

ويتردد أن المسؤولين المصريين طرحوا فكرة تسلم الحكومة زمام الأمر في غزة في بداية الأمر، من خلال تسليم «الوزارات الخدماتية»، على أن يتبع ذلك شروع قيادة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة في القاهرة عام 2011، بعقد اجتماع لها، بمشاركة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، يعود من خلاله تفعيل «الإطار القيادي المؤقت» بشكل آخر، لتتفق على تشكيل حكومة جديدة، وتقر كيفية إجراء انتخابات عامة، تشمل البرلمان والرئاسة والمجلس الوطني. يشار إلى أن اتفاق تطبيق المصالحة الموقع في عام 2017، ويشمل جداول زمنية لعملية إنهاء الانقسام، يشمل حلولا لملفات خلافية كثيرة، مثل ملف موظفي غزة، وكذلك عملية إدارة القطاع.

تثمين الجهد المصري

وكان المجلس الاستشاري لحركة فتح قد ثمن الجهد المصري المستمر في تحقيق الوحدة الفلسطينية والمصالحة الداخلية، داعيا حماس الى التطبيق السريع لاتفاق 2017. ودعا في ختام اجتماعه بحضور الرئيس محمود عباس يوم الأحد الماضي، إلى تمكين الحكومة من أداء عملها ومهامها وتقديم كل ما تستطيع من خدمات والتزامات الى سكان غزة، الذين ما زالوا تحت سيطرة حماس لـ «يصبح كل المواطنين متساوين بالحقوق في كل أنحاء الوطن». وكان ماجد الفتياني أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، قد قال إن التحرك المصري يجري «بهدوء»، مشيرًا إلى وجود «توافق تام» بين كل الأطراف بعدم الذهاب إلى الإعلام بشكل خاص حتى يتم الانتهاء من هذا الملف.

ونقلت مواقع فلسطينية محلية عنه القول «هناك أمل وتفاؤل كبير بأن تجري الأمور في الاتجاه الصحيح بتنفيذ الجدول الزمني الذي تم التوافق عليه في القاهرة عام 2017». وحسب الفتياني، فإن الرئيس عباس أكد للوفد المصري جدية حركة فتح في إنهاء هذا الملف، في ظل «المؤامرة» التي تحاول من خلالها الإدارة الأمريكية تصفية القضية الفلسطينية. وعبر الفتياني عن أمله في أن يتحقق شيء في الأيام المقبلة «يعزز ثقة شعبنا بنفسه أولا وبقدرته على تجاوز هذه المرحلة الصعبة في ظل ظروف هي الأصعب في تاريخ شعبنا».

يشار إلى أن الوفد الأمني المصري الذي وصل الخميس التقى وفودا من فتح وحماس أكثر من مرة، وعقد اجتماعا يوم السبت الماضي مع الرئيس عباس وقياد فتح، حيث ثمن الرئيس استمرار مصر بجهودها من أجل إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وقبل ذلك عقد الوفد اجتماعا مع قيادة حماس في غزة برئاسة إسماعيل هنية. وقالت الحركة في بيان لها إنها قدمت «موقفاً إيجابياً» في المضي قدماً لتحقيق الوحدة الوطنية، ودعت لأن يكون «الموقف الفلسطيني النابع من التوافق الوطني قائما على «استراتيجية مواجهة المخاطر وعلى رأسها صفقة القرن ومؤتمر البحرين».