ماذا قد يقع بتونس لو وقع حل مجلس نواب الشعب ؟

تونس/ متب: عوض سلام/ بدأ العد التنازلي من مهلة الشهر غير القابل للتجديد للحكومة التي سيقترحها الياس الفخفاخ، رئيس الحكومة المكلف من رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد.

وطوال هذه الفترة سوف تعتمل الاتفاقيات والتفاهمات داخل اركان البرلمان التونسي ومقرات الاحزاب من اجل ان يحظى التشكيل الوزاري بثقة البرلمان كي لا يتم حل مجلس نواب الشعب واعادة الانتخابات .

لكن أي الاحزاب اكثر حرصا على تجنب اعادة الانتخابات!!؟ ولماذا؟

مجلس نواب الشعب يتكون ترتيبيا حسب نتائج الانتخابات التشريعية الأخير لعام 2019 من: حركة النهضة 52 كرسيا، قلب تونس 38 كرسيا، التيار الديمقراطي 22 كرسيا، ائتلاف الكرامة 21 كرسيا، الدستوري الحر 17 كرسيا، حركة الشعب 16 كرسيا، تحيا تونس 14 كرسيا، مشروع تونس 4 كراسي، و33 مستقلون.

اذا فان حزب الاخوان المسلمين المتمثل في حركة النهضة هو الاكثر خوفا على مكانة سياسية، كان يتمنى اكبر منها ولكنه على يقين انه لن يبلغها اذا اعيدت الانتخابات وليس ادل على ذلك من أن الحركة خسرت 17 كرسيا من 69 فازت بها في انتخابات 2014، رغم أن حركة نداء تونس التي كانت تنافسها حينذاك خسرت 71 كرسيا، واندثار الحزب الثالث، الوطني الحر، الذي كان قد تحصل على 16 كرسيا، أي أن 104 كرسيا ذهبت إلى أحزاب أخرى.

كما انها لم تنجح حتى في أيصال مرشحها الانتخابات الرئاسية، عبد الفتاح مورو للدورة الثانية، واضطرت ان تدفع بأصواتها لدعم قيس سعيد في لاكتساح منافسه نبيل القروي، وفضلت، في هذا الاطار، التعامل مع حزبه الوليد، قلب تونس، داخل البرلمان، حتى لا يكون عصيا عليها عندما يكون في قرطاج والمجلس، وقد ساعدها على هذا التخطيط إن الانتخابات البرلمانية كانت بين رئاسيتين.

فهل كانت حركة النهضة على صواب في دعم قيس سعيد؟

ربما كان هذا أغلب الظن قبل سقوط حكومة الحبيب الجملي أما الآن فالمعطيات تغيرت على الارض لأن الشخصية المكلفة بتشكيل الحكومة اصبحت هي مفتاح البرلمان بالنسبة للاخوان، ناهيك عن التشكيلة في حد ذاتها، التي ستقبل بها النهضة مهما كانت.

وفي انتظار التشكيل الوزاري الذي سيكون له التأثير على مرور الحكومة من عدمه، فإن شخصية رئيسه المكلف تبقى هي المحك الأولي.

فما هي الاحترازات المبدئية على الياس الفخفاخ؟

كل ما يميزه أنه لم يتقلد أية مناصب وزارية في فترة حكم زين العابدين بن علي، لكن ما وزن ذلك وهو لم يكن بالنجاح الكافي لا في وزارة المالية عام 2011 في حكومة حمادي الجبالي، ولا في وزارة السياحة 2013 في حكومة علي العريض، وهما من الاخوان.

ويعتبر من المقربين من حزب حركة النهضة، ويبنى عددا من أفكار الحزب فيما يخص تسيير دواليب الدولة.

كما أن الياس الفخفاخ كان مترشحا للانتخابات الرئاسية لعام 2019 ولم يتحصل سوى على 0.4 بالمائة من الأصوات.

فهل سينجح مرشح حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات الذي شكل ائتلاف مع الترويكا عام 2012، ولم يتحصل على مقعد في البرلمان في انتخابات 2019، في اختيار تشكيل وزاري يحظى بالحزام السياسي الكافي لتمرير مشاريع القوانين التي سيطرحها على البرلمان؟ بل هل يستطيع أن ينال الثقة والحصول على 109 أصوات داخل المجلس؟

في انتظار هذا اليوم لابد من نقرأ الصور كاملة..

الواقع الاقليمي والدولي يشير الى ان الاخوان المسلمين لم تعد حصان طروادة للمجتمع الدولي على الاقل في هذا الوقت والى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الامريكية لربما يعود الديمقراطيون لاستكمال اجندة اوباما التي افسدتها روسيا بتدخلها لصالح ترامب على حساب هيلاري كلينتون، والتي طويت واشنطن بعدها صفحة الخلاف مع مصر التي فتحتها الإرادة الشعبية باسقاط الاخوان المسلمين.

كما كانت الرسالة المشفرة من اوباما لداعم تنظيم الاخوان، من أجل أحلامه التوسعية، واعادة بناء الامبراطورية العثمانية، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بعد صبر نفذ في ان يفتح ابواب الاتحاد الأوروبي، فطوى خلافاته مع روسيا واستعاد علاقاته مع إسرائيل، لكنه ظل ممسكا بطرف امل سرعان ما انطفأ في سوريا، فلم يعد لديه غير ضوء ناره المقدسة التي لازالت تشتعل في وسط شمال افريقيا وجزء من غرب ليبيا.

لكن مياه النيل التي حماها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقاعدة برنيس الحربية في مياه البحر الأحمر، والتي رفعت منسوب مياه المتوسط قادمة لاطفاء امله في ليبيا.

وهكذا لن يتبقى غير فتيل يشتعل في اخر رماده داخل برلمان تونس ربما يذهب مع أول ربيع في 2020 وهنا قد تصدق نبوءة بشرت بعودة تونس الى مصاف الدول من جديد.

وسواء كان خروج الاخوان المسلمين من الحكم في تونس، او بالأحرى تحجيم وجودهم وتأثيرهم السياسي، عبر صناديق الاقتراع، أو بلي الأذرع من الخارج، سيحسب لتونس أنها كانت البلد الأول الذي قضى عليهم بالسلاح الذي يدعون أنه مبدأهم، وهو الديمقراطية.

كما ستكون تونس البلد الأوحد الذي خرج مما يسمى بالربيع العربي بترسيخ نظام سياسي جديد كان مقبرة الإخوان المسلمين وإلى الأبد.

وأيا كان الواقف وراء سيرورة العملية السياسية في تونس، سواء الاختيار الشعبي، أو الموساد الذي جعل من رجل الإعلام التونسي نبيل القروي رقما صعبا ساهم في سقوط حكومة حبيب الجملي، فإن انعكاس النتائج على الواقع الاقتصادي المنهار في البلاد ستكون معوضة عن السنوات العجاف التي عاشتها، منذ رحيل نظام زين العابدين بن علي.

فقد تنفتح آفاق التعاون العربي والدولي من جديد لتدفع بالاقتصاد نحو القمة، لأن لا غنى لتلك الدول عن تونس مفتاح شمال افريقيا والمغرب العربي، وحتى يستعشر التونسيون ثمرة خروج الاخوان المسلمين من الحكم، ولتثبيت لديهم عقيدة أنهم كانوا سببا في انهيار الدولة.

في إنتظار ذلك كآمال أو توقعات، تبقى حركة الاخوان المسلمين في تونس، في طريق مفتوحة، إلى خارج الحكم.