وجاء فيه “في اليوم الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، لم يذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت روسيا ولا مرة. وقال إنه يصلي للسلام ودعا للحوار ووعد بدعم المواطنين الأوكرانيين ولكنه لم يلمح إلى التورط الروسي ولا شجبه.
وتركز الأمر كما خطط من قبل لوزير الخارجية يائير لابيد لكي ينتقد موسكو في بيان منفصل ذلك اليوم”.
وتكشف لهجة المسؤولين الحذرة المنعطف الذي وجدت فيه إسرائيل نفسها بسبب أوكرانيا. وتعتبر إسرائيل شريكا مهما للولايات المتحدة ويثمن الكثير من الإسرائيليين العلاقات الثقافية الطويلة مع أوكرانيا لأنها ظلت ولعدة أشهر عام 2019 البلد الوحيد غير إسرائيل برئيس ورئيس وزراء يهوديين.
ولكن روسيا تظل لاعبا مهما في الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا وتخشى إسرائيل علاقة موسكو الجيدة هناك. وعلى مدى العقد الماضي شنت إسرائيل الغارات الجوية ضد الميليشيات الإيرانية والسورية واللبنانية بدون أي تدخل من روسيا، في محاولة لمنع نقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني ومنع جهود بناء القواعد العسكرية قريبا من الحدود الشمالية لإسرائيل. وتريد هذه أن يكون لديها مساحة للتحرك ولعب دور الوسيط في النزاع.
وبناء على طلب من أوكرانيا عرض بينيت التوسط بينها وروسيا وكان آخرها يوم الأحد، عندما خرج مستعجلا من لقاء مع حكومته للحديث مع الرئيس فولدومير زيلينسكي لمدة 40 دقيقة. وقام المسؤولون الإسرائيليون بمن فيهم بينيت بالتنقل بين نظرائهم الأوكرانيين والروس والأمريكيين، حسب مسؤولين إسرائيليين بارزين، وهي محادثات ربما ساهمت في قبول الأوكرانيين لقاء الروس على الحدود البيلاروسية- الأوكرانية.
وتجد إسرائيل التي تطالب من حلفائها الدعم غير المشروط، نفسها في وضع غير مريح برفضها الانتقاد العلني لروسيا، حتى مع قيام دول لديها رهانات أكثر بانتقاد حرب بوتين. ويقول رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت إنه “وضع حساس لإسرائيل”، “فمن ناحية إسرائيل هي حليف للولايات المتحدة وجزء من الغرب ولن يكون هناك شك حولها” و “من جهة أخرى، الروس حاضرون في سوريا ولدينا مشاكل أمنية وعسكرية حساسة، وهذا يقتضي حرية عسكرية معينة لإسرائيل لكي تتحرك في سوريا”.
وتريد إسرائيل تجنب اتخاذ تحركات تؤثر على اليهود في أوكرانيا وهم أكبر جالية يهودية خارجها. ويجب عليها أيضا التفكير بنفس الوقت باليهود الروس وهم أكبر جالية متحدثة بالروسية ويشكلون نسبة 12% من الناخبين. أي حوالي 1.2 مليون نسمة وصلوا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفيتي السابق، وثلثهم من روسيا وأوكرانيا حسب البيانات الحكومية.
وتقول إن بعضهم غادر إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال. وقال ميخايلو بيكوف، العامل في مجال الكمبيوتر “نعم أحب إسرائيل ولكن لدي بلدين وأريد الدفاع عنهما” و “هنا حرب” و “علي القيام بواجبي”. وتهدف إسرائيل للحفاظ على الحرية في سوريا وبدون تدخل روسي.
ولكن موسكو لديها وجود عسكري بارز في سوريا، وتهدف إسرائيل بالحصول على موافقتها لكي تعمل بسهولة.
ويتعاون الإسرائيليون حاليا مع الروس بإخبارهم عن الغارات القادمة من خلال نظام مشفر في ملجأ تحت وزارة الدفاع بتل أبيب وقاعدة حميميم في غرب سوريا. وأي تغير في هذا قد يعقد استراتيجيات كل من إسرائيل وروسيا في سوريا. وفي أيلول/سبتمبر 2018 أطلقت أنظمة دفاع جوية سورية صواريخ ضد طائرات إسرائيلية وأصابت طائرة روسية كانت تمر في المنطقة وتحطمت وقتلت 15 روسيا كانوا على متنها.
وشهدت الأسابيع الأخيرة نشاطات ملحوظة للطيران الروسي على الحدود الغربية القريبة من إسرائيل والشرقية حيث تحلق الطائرات الأمريكية، وذلك حسب مسؤول إسرائيلي بارز.
وربما كانت الزيادة في الطلعات الجوية إظهارا للقوة في ظل الأزمة الأوكرانية. ونظرا لحاجتها إرضاء روسيا، فقد رفضت إسرائيل الضغوط عليها لإرسال معدات عسكرية لأوكرانيا، وكان آخرها يوم الجمعة حسب مسؤول أوكراني.
ورفضت إسرائيل التي باعت برنامج التجسس بيغاسوس لعدد من الدول المصادقة على بيعه لأوكرانيا وذلك أثناء زيارة وفد أوكراني لإسرائيل في آب/أغسطس العام الماضي. ورفضت أوكرانيا الطلب من إسرائيل تقديم نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية لمعرفتها أنها لن توافق على بيعه لها.
وبدلا من ذلك سمحت الحكومة لشركات خاصة بيع معدات اتصال وروبوتات للقوات الأوكرانية. وأعلنت يوم الأحد عن 100 طن من المساعدات الإنسانية للمدنيين الأوكرانيين.
وقسمت الحرب في أوكرانيا الإسرائيليين بناء على المواقف السياسية وليس الوطنية. وانقطعت علاقات إدوارد شراسنر، رجل الأعمال الذي انتقل إلى إسرائيل عام 1990 من المنطقة التي كانت جزءا من مولدوفا مع عدد من أصدقائه المولدوفيين بسبب تعبيره عن مواقف غير ناقدة من بوتين.
وقال “لست مؤيدا للحرب” و “لكنني أستطيع تبرير ما يقوم بوتين بعمله، أقرأ وأستمع وأجمع المعلومات ولو كنت في مقامه لفعلت الأمر نفسه” واعترف أن مواقفه ليست “شعبية” في إسرائيل. وتحول الغزو إلى نقطة تحول لدى الناطقين بالروسية في إسرائيل والذين دعموا بوتين ولكنهم تحولوا ضده. وفي يوم الخميس مع بدء الغزو قرر صاحب حانة اسمها بوتين المشهورة بين الناطقين بالروسية في القدس تغيير اسم الحانة إلى اسم جديد. وقال أحد أصحاب الحانة إن القرار بمبادرة شخصية ولأنه يعارض الحرب.