لكن الامر لا يمضي بدون تعقيدات فاحزاب المعارضة تحت قبة البرلمان التركي تطالب بتوضيحات لا بل استثمرت في تلك المصالحة المفاجأة والمباغتة باتجاه الدعوة للصفح و المسامحة على المتهمين باحداث الانقلاب الشهير خصوصا وان الامارات اتهمت رسميا من قبل الحزب الحاكم بانها مولت ورعت ذلك الانقلاب عبر القيادي الفلسطيني محمد دحلان او غيره والتي شكك بها لعديد من المراقبين في حينه واثارت سخرية البعض.
وما يثير الحيرة لدى عديد المراقبين بان الاعلام التركي المؤيد لاردوغان يمتدح الامارات بصورة يومية ويثني على دورها في المنطقة ويشيد بولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد وحكمته في تناقض كامل مع الهجمة التركية الكبرى على الامارات ودحلان بعد محاولة الانقلاب والتي ازدادت ضرارة بعد مقتل الصحافي السعودي خاشقجي في سفارة بلاده في اسطنبول.
وبالتالي ثمة نقاش قانوني وسياسي يلمسه الجميع وسط الاعلاميين والقانونيين الاتراك حول اخلاقية مصافحة مع الدولة التي اتهمت بمحاولات التدخل في الشان الداخلي التركي وبين المحاكمات واجراءات الطرد من الوظيفة التي طالت عشرات الالاف من الموظفين والمواطنين الاتراك وهذا جدل لم يكن متوقع في السياق المشار اليه.
لكن على جبهة اوساط الحزب الحاكم ايضا ثمة نوع من الحيرة وغياب التفسيرات وتوجيه اسئلة برلمانية من قبل شخصيات مستقلة للحكومة التركية حول طبيعة الزيارة وطبيعة الاتفاقيات الاستراتيجية التي وقعت ووصلت الى اكثر من 28 اتفاقية والاشارة هنا الى افاق اقتصادية واستثمارية جديدة فتحت حيث وقعت بروتوكولات تطال غالبية المجالات بما فيها مجالات الاعلام والتعاون حتى الامني وتبادل الدورات اضافة الى المجالات الحدودية والنقل البحري والموانيء والاعتقاد السائد وسط المراقبين بين الاتراك بان عدد الاتراك المقيمين في الامارات وهو 60 الف تركي على الاقل اغلبهم من التجار ورجال الاعمال الذين يتعاملون مع مركزية موانيء دبي وابوظبي في التجارة الدولية قد يزيد او يتضاعف اضافة الى تضاعف محتمل على صعيد التبادل التجاري وهو بكل الاحوال لصالح الاقتصاد التركي.
وعلى صعيد بعض المعلومات ثمة ما يشير الى ان اكثر من 100 مسؤول ووزير وموظف رفيع تركي قبل زيارة الرئيس الى ابو ظبي زاروا ابو ظبي ودبي وقضوا فيها وقتا طويلا تتراوح ما بين اسبوع و عشرة ايام والحديث هنا عن اكثر من 100 مسؤول تركي في مختلف القطاعات والمؤسسات قاموا بتلك الزيارةالامر الذي يؤسس لحالة مصلحية تخدم بطبيعة الحال الاقتصاد التركي وتتضمن مبادرة مرنة دون ان يعني ذلك ان التاثير على العلاقات التركية مع بقية الدول العربية خصوصا وان الرافعة الاماراتية قد تفيد على صعيد التجارة الدولية مع الهند واسيا والصين او قد تفيد على صعيد دول الخليج العربي.
لكن من المرجح ان الطرف الذي لا تعجبه الترتيبات التركية الاماراتية بشكل اساسي في المملكة العربية السعودية الامر الذي يبحث في دوائر ضيقة الى حد بعيد. ويتردد هنا عمليا بان الرئيس التركي استقبل بحفاوة بالغة في ابو ظبي وبان المطرب الاماراتي الشهير حسين الجسمي قدم وصلة غنائية خاصة وباغنية تركية يقال بان الرئيس التركي يحبها.
وهو امر يوحي بان العلاقات على الصعيد البروتوكولي وفي ظل حجم الاتفاقيات التي تم توقيعها هم قابلة وقادرة للانطلاق بالرغم من بعض التعقيدات التي تثيرها ودون اي اشارة الى ان العلاقات التركية مع دولة قطر يمكنها ان تتاثر سلبا على الاقل في المدى القصير وان كان السوق التركي يرحب بصفة خاصة بالاستثمارات الاماراتية حيث يزور تركيا الان عدد كبير من رجال الاعمال الشبان والخبرات الاماراتية التي تسعى لتوطين بعض رؤوس الاموال وتجربة الاستثمار على القاعدة السياسية المتينة التي انجزتها زيارة الرئيس التركي الاخيرة الى ابو ظبي وبناء على تصور يبدو انه تجاوز كل الخلافات السياسية والامنية خلال السنين الاربع الماضية ويتجه نحو حالة من الاستقرار في العلاقات على اساس تبادل المنفعة الاستراتيجي والاقتصادي.