سرب أعضاء في الوفود للمحادثات في فيينا لجبريئيل نورونا، الخبير في الشؤون الإيرانية والذي كان مسؤولاً عن إعداد العقوبات الأمريكية ضد إيران في وزارة الخارجية، بأن الأمريكيين انثنوا أمام كل مطالب إيران لإلغاء العقوبات. رئيس الوفد الأمريكي روبرت مالي المعروف بمواقفه الراديكالية مع إيران وضد إسرائيل، لا يدير المحادثات في فيينا فحسب، بل كل السياسة الشرق أوسطية للإدارة، بإسناد تام من الرئيس جو بادين ووزير الخارجية توني بلينكن. وحسب أصدقاء نورونا، فإن الاتفاق الذي كادت تفاصيله تستكمل، يشكل استسلاماً أمريكياً لإيران، والقيود التي على نشاطها النووي ضعيفة وقصيرة المدى أكثر بكثير من تلك التي في اتفاق 2015.
عندما سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ، ستتلقى إيران نحو 90 مليار دولار، إضافة إلى 50 – 55 مليار دولار في السنة من أرباح الغاز والنفط في السنوات القادمة. والمعنى الاستراتيجي لمثل هذه الأرباح أن إيران ستصعد حروبها ضد إسرائيل والدول السُنية. وستفعل ذلك كدولة نووية مع شرعية من مجلس الأمن في الأمم المتحدة ومن الولايات المتحدة، وستجند إسرائيل نفسها في الجانب غير الصحيح من قرارات مجلس الأمن وقرارات واشنطن إذا ما وعندما ستعمل عسكرياً ضد منشآت النفط مستقبلاً.
تبرر الإدارة سياستها المؤيدة لإيران، المناهضة لإسرائيل والمناهضة للسعودية/الإمارات كوسيلة لشق طريق لها خروجاً من الشرق الأوسط، في الوقت الذي تعنى فيه واشنطن بأن تركز مقدراتها في آسيا وعلى التهديد الصيني. تقف حقيقة بشعة من خلف القول العابث هذا. ترامب هو الآخر سعى لإخراج الولايات المتحدة من مستنقع الشرق الأوسط. ولكن الطريق الذي اختاره هو تمكين وإسناد حلفاء الولايات المتحدة – إسرائيل ودول الخليج – بربطهم معاً في إطار اتفاقات إبراهيم وضم إسرائيل إلى مجال مسؤولية القيادة الوسطى الأمريكية المسؤولة عن الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
في استمرار مباشر لسياسة أوباما – بايدن، تعمل الإدارة الحالية بشكل معاكس. أوباما وبايدن يعتقدان بأن حلفاء الولايات المتحدة (إسرائيل ودول الخليج برئاسة السعودية) عملوا على مدى عقود عمداً على توريط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وعليه، برأيهم، فإن الطريق إلى إخراج الولايات المتحدة من المنطقة هي إضعافهم من خلال تمكين إيران.
ويأتي بنا هذا إلى إسرائيل. فكون الموقف المؤيد لإيران والمناهض لإسرائيل لدى الإدارة هو موقف أساس، فليس لدينا القدرة على التأثير عليه. لا يهم كم مرة يمتدح فيه رئيس الوزراء نفتالي بينيت والوزير يئير لبيد “صديقينا الحقيقيين” بايدن وبلينكن، فهما ليسا معنا ولن يكونا. وبدلاً من محاولة مصالحة رجال الإدارة من خلال وساطات عقيمة وخطيرة في حروب ليست لنا ووعود “بغير مفاجأتهم” في الوقت الذي يدوسون فيه على مصالحنا الوجودية في فيينا، فعلى الحكومة أن تستعد لما سيأتي.
في السنوات 2014 – 2015، في مسعى لتسويق الاتفاق النووي، شرع أوباما ورجاله بحملة شيطنة ضد إسرائيل ومؤيديها في الكونغرس وفي الحياة الأمريكية العامة. أما الآن، بينما يحيك بايدن اتفاقاً خطيراً أكثر بكثير من اتفاق أوباما، فعلينا الاستعداد لحملة شيطنة أكثر حدة وخطورة بكثير.
يبدو أن السعوديين والإماراتيين باتوا يفهمون اللعبة. الأربعاء، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن وليي العهد في الدولتين، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، رفضا استقبال مكالمات هاتفية من بايدن. يجدر بزعمائنا أن يستوعبوا الواقع أيضاً ويعملوا بموجبه قبل تفاقم الضرر أكثر فأكثر.