"إسرائيل" تأمر جيشها بالاستعداد لأي تصعيد مع غزة… والمقاومة ترفع درجة التأهب والاستنفار

ذانيوز أونلاين// لا تزال التقديرات على الأرض تشير إلى احتمالية قوية لدخول قطاع غزة على خط المواجهة بسبب الأحداث الميدانية المتصاعدة في المسجد الأقصى، والتي لم يتمكن حتى اللحظة الوفد الأمريكي الذي وصل المنطقة وعقد لقاءات في رام الله وتل أبيب من تهدئتها، ودفْع سلطات الاحتلال إلى وقف هجماتها ضد المصلين.

وتواصل الفصائل الفلسطينية في غزة، رفع درجة التأهب والاستنفار في صفوفها، بما في ذلك الأذرع العسكرية المسلحة، بعدما شهد صباح اليوم الجمعة عمليات قمع وحشية مارستها قوات الاحتلال ضد المصلين في الأقصى.

ويؤكد مسؤولون في الفصائل الفلسطينية أنهم جاهزون لأي تطورات جديدة على الأرض، خاصة في المسجد الأقصى وباقي مناطق الضفة، بعد أن أبلغت المقاومة الوسطاء أن صبرها لن يطول مع استمرار الهجمات على الأقصى، وأن تلك الهجمات تقرب تدخلها الميداني، بالطرق التي تراها مناسبة.

وفي هذا السياق، نقلت قناة الأقصى عن عزت الرشق، عضو المكتب السياسي للحركة، قوله “إن الساعات المقبلة مهمة وساخنة في المسجد الأقصى المبارك”، وأشار إلى أن “شباب القدس والضفة الغربية يحاولون الوصول إلى المسجد الأقصى لحمايته رغم عراقيل الاحتلال”.

بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس زاهر جبارين على حق الشعب الفلسطيني الكامل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لرد اعتداءاته على المقدسات، وخصوصا المسجد الأقصى “بكل الوسائل المتاحة”، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، من خلال مواصلة اقتحام المسجد، وتنفيذ اعتداءاته بكل ما أوتي من قوة.

وقلل جبارين من أهمية لقاء الوفد الأمريكي بقيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، لبحث تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية عقب أحداث القدس الأخيرة، مشددا على أن الحل يكمن في “وقف اعتداءات الاحتلال المتواصلة على أرضنا وقدسنا ومسجدنا”، داعيا المجتمع الدولي إلى التوقف عن “سياسة الكيل بمكيالين” والانحياز للاحتلال الإسرائيلي.

جاء ذلك في وقت دعت حركة حماس الفلسطينيين في أماكن تواجدهم إلى “هبة عارمة” في مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وشد الرحال والاحتشاد والرباط والاعتكاف في رحاب المسجد الأقصى المبارك طوال العشر الأواخر من رمضان.

وكانت الفصائل المسلحة في غزة، استبقت أحداث الجمعة، وأطلقت ليل الخميس قذيفة صاروخية، سقطت داخل حدود غزة، وتحديدا على مقربة من الحدود الفاصلة عن المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، فيما أبقت فصائل المقاومة في غزة على احتياطاتها الأمنية.

وذكر تقرير نشره موقع “واللا” العبري أن حكومة تل أبيب بعثت برسائل تهديد جديدة إلى فصائل المقاومة في غزة، عبر الوسطاء، اشتملت على رسائل واضحة لقيادة حركة حماس، تؤكد أنها لن تتحمل المزيد من إطلاق الصواريخ وستضطر إلى تشديد ردودها وإلحاق الأذى بالتسهيلات للجمهور الفلسطيني في قطاع غزة مثل خروج العمال، وتصدير البضائع واستيرادها، ودفع المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية. وحسب ضابط إسرائيلي، فإن حركة حماس تبذل حاليا جهودا لتطوير قدراتها البحرية، بغية تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيليةٍ، وأن الحركة تسعى أيضا لتطوير صواريخ أرض- جو بغية استهداف الطائرات الإسرائيلية التي تحلق في أجواء القطاع.

وبسبب التطورات الميدانية على الأرض، أصدر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، تعليمات إلى قائد القيادة الجنوبية في جيشه بالاستعداد للتصعيد في قطاع غزة. وذكرت قناة “كان” العبرية، أن تلك التعليمات صدرت بعد إطلاق الصواريخ الأخيرة، حيث أشار كوخافي في تعليماته إلى احتمال شن عملية عسكرية أخرى ضد قطاع غزة.

جاء ذلك بعدما اجتمع وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس مع رؤساء مجالس مستوطنات غلاف غزة، ورئيس بلدية سديروت، حيث أكد أنه تم تعزيز القوات والجاهزية في المنطقة، وأن سياسة “الرد الحاد” على جميع الأنشطة العسكرية ستستمر، وأن إسرائيل مستعدة لاتخاذ أي خطوة هامة، سواء في الهجوم أو الدفاع.

والجدير ذكره أن حالة التأهب هذه، والخشية من تصعيد عسكري، تأتي رغم استمرار جولة الوفد الأمريكي في المنطقة، والتي تهدف إلى إعادة الهدوء، ونزع فتيل الانفجار، ما يعني أن الوفد الذي عقد لقاءات في رام الله وتل أبيب لم يتمكن حتى اللحظة من تحقيق هدفه، ودفع إسرائيل نحو وقف هجماتها ضد القدس والمسجد الأقصى.

ويضم الوفد الأمريكي الذي أرسله البيت الأبيض، نائبة وزير الخارجية يائيل لامبارت، ومساعدها للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، التقى بالوفد الأمريكي وحاول إلقاء تهمة التصعيد على الفلسطينيين، وزعم إن إسرائيل تواجه “إرهابا إسلاميا متطرفا” وأنها تحافظ على “الستاتيكو” في الأقصى، متناسيا الهجمات العنيفة التي تشنها قوات جيشه على المصلين الفلسطينيين، وما واكبها من اعتقالات، وسماحها باقتحامات المستوطنين المتطرفين. كما تخلل اللقاء تهديدات أطلقها لابيد لقطاع غزة، وقال: “لن نقبل في أي وضع إطلاق صواريخ من قطاع غزة على دولة إسرائيل. وعلى حماس والعالم كله أن يعلم أن إسرائيل ستعمل كل ما ينبغي عليها من أجل حماية أمن مواطنيها”.

في رام الله، استقبل الرئيس محمود عباس ليل الخميس، مبعوثيْ الإدارة الأمريكية، حيث طالب خلال اللقاء الرئيس جو بايدن وإدارته، بالتدخل الفوري والعاجل لتحمل مسؤولياتهم نظرا لخطورة الأوضاع جراء الاجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كافة وخاصة القدس والمسجد الاقصى وكنيسة القيامة.

وشدد في بيان على ضرورة الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية، والاحترام الكامل للوضع القانوني والتاريخي في القدس و”الستاتيكو” في الحرم الشريف، محملا حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع. وحذر الرئيس عباس، من استمرار التصعيد الإسرائيلي على الأرض، وما يتخلله من اقتحامات للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وأعمال القتل للمواطنين، وغيرها من الاعتداءات الوحشية، التي قال إنها “ستؤدي إلى تبعات وخيمة لا يمكن احتمالها”، مشيرا إلى أهمية خلق الأفق السياسي بما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، مطالبا بسرعة إعادة فتح القنصلية الأمريكية في مدينة القدس حسب التزام الإدارة الأمريكية.

وعقب اللقاء، كتب حسين الشيخ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تدوينة على “تويتر” جاء فيها: “لقاء صريح وواضح بين الرئيس أبو مازن والمبعوثين الأمريكان”. وأضاف: “طالب الرئيس بالتدخل العاجل من الإدارة الأمريكية لوقف إجراءات إسرائيل التصعيدية فورا في الأراضي الفلسطينية، وحمل الاحتلال مسؤولية التصعيد وغياب الأفق السياسي مما يدفعنا لتطبيق قرارات المركزي قريبا”. وتنص قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، التي اتخذت مؤخرا على وقف التعامل بكل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل بما فيها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وكذلك سحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل.

وقد تلقى الرئيس عباس اتصالا هاتفيا، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جرى خلاله الحديث عن أحداث الأقصى، والاعتداءات التي تنفذها قوات الاحتلال والمستوطنين، والتي تخالف الوضع التاريخي والقانوني.

ودعا الرئيس عباس الأمم المتحدة إلى حشد الجهود الإقليمية والدولية لـ”إنهاء الظلم التاريخي” الواقع على الشعب الفلسطيني، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأكد الأمين العام أنه سيواصل اتصالاته مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة لوقف التصعيد، مشيرا إلى أهمية خلق الأفق السياسي.