عربي ودولي

الدُبّ الروسيّ يُكشِّر عن أنيابه ويُعاقِب إسرائيل للعبها بالنار بدعمها زيلينسكي اليهوديّ

الدُبّ الروسيّ يُكشِّر عن أنيابه، وإسرائيل متوجسةً جدًا وقلقةً أكثر، التزامها بالدور السلبيّ في المُواجهة بين روسيا وأوكرانيا هو بمثابة لعب بالنار، فقد اعتبرت أوساط وازنة في دولة الاحتلال أنّ القرار الروسي بوقف أنشطة الوكالة اليهودية في أراضيها، وهو القرار الذي يُتخّذ لأوّل مرّة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، انتقامًا من موسكو ضد مواقف تل أبيب الأخيرة من الحرب الدائرة في أوكرانيا.

فزع بالكيان لاستخدام روسيا منظومة (S300) لاعتراض الطائرات الإسرائيليّة بسوريّة الشهر الفائت

في هذا السياق حذّر أيضًا مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ من أنّ الاعتداءات الإسرائيليّة المُتكررة ضدّ سوريّة قد تدفع الروس لتشديد مواقفهم الرافضة لهذه الاعتداءات التي تجيء في سياسة “إطار المعركة بين المعارك”، لافتًا في ذات الوقت إلى تطورّيْن اثنيْن هامّيْن، الأول، استخدام روسيا منظومة الدفاع من طراز (S300) ضدّ طائرات سلاح الجوّ الإسرائيليّ الذي هاجم سوريّة في شهر حزيران (يونيو) الماضي، والثاني، مواصلة روسيا التحضير لمشروع قرارٍ يُدين إسرائيل في مجلس الأمن الدوليّ بسبب هجومها الإرهابيّ ضدّ مطار دمشق الدوليّ الشهر الفائت.

وحول موقف إسرائيل الـ”حياديّ” من العمليّة العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا، أكّدت الدراسة أنّ هناك شكوكًا كبيرةً إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن، على استعدادٍ لُتصغي وتتفهم ادعاءات وتوضيحات إسرائيليّة أنّ مصالحها تستوجب الحفاظ على قنوات مفتوحة مع روسيا أيضًا، على حدّ تعبير مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وهو أحد أهّم “مراكز” الأبحاث في الكيان، والذي يترأسّه القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكريّة، الجنرال تمير هايمن، الذي أنهى خدمته العسكريّة قبل أقّل من سنةٍ.

الوزراء يُحذّرون لبيد من التداعيات الوخيمة لقرار روسيا وقف عمل (الوكالة اليهوديّة)

وفي السياق، وصف أحد المسؤولين الكبار في كيان الاحتلال قرار موسكو بمنع (الوكالة اليهوديّة) من النشاط على الأراضي الروسيّة قائلاً إنّ “روسيا رفعت لإسرائيل البطاقة الصفراء”، كما نقلت القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، علمًا أنّ ردود الفعل الإسرائيلية بدأت بوزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تامنو شتا، وهي مستجلبة من إثيوبيا، التي اجتمعت برئيس الوزراء لبيد، وشرحت له العواقب الوخيمة للقرار الروسي، وكشفت عن جهود دبلوماسية لوقفه بتواصلها المستمر مع مدير عام وزارة الخارجية ألون أوشفيز، فيما أعلن وزير الشتات نحمان شاي أنّ “يهود روسيا لن يكونوا رهائن لحرب أوكرانيا، وأنّ معاقبة الوكالة اليهودية على موقف إسرائيل من الحرب سلوك مهين”، على حدّ تعبيره.

 

بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، فقد كشفت محافل سياسية في الكيان النقاب عن أنّ رئيس مجلس الأمن القومي آيال حولاتا، سيتحدث مع نظيره الروسي نيكولاي بتروشيف حول قرار إغلاق مقر الوكالة اليهودية في موسكو، مُشيرةً إلى تخوفٍّ إسرائيليٍّ من أنْ تمتد الأزمة مع روسيا إلى مستويات أخرى، الأمر الذي اضطر المسؤولين في وزارات الخارجية والقضاء والاستيعاب ومجلس الأمن القومي لإجراء مناقشات عاجلة، بغرض تقييم الوضع، وتقرر إرسال وفد مشترك لرئاسة الوزراء، لضمان استمرار أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا رغم القرار المفاجئ.

ونقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر مطلعة جدَا في الكيان، قولها إنّ “استمرار إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا، هو ضربة قاسية للهجرة اليهودية القادمة من هناك، ممّا يجعل من الأزمة الحالية مصدرًا للانشغال الإسرائيليّ على قدم وساق، لأنّها تشكل ذروة جديدة في التوترات بين تل أبيب وموسكو، خاصّةً مع استمرار القتال في أوكرانيا المستمر منذ خمسة أشهر، على حدّ تعبيرها.

لبيد أوّل مَنْ انضمّ للغرب في معاداة موسكو
المصادر ذاتها أكّدت أنّه منذ ذلك الحين، اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيليّ يائير لبيد موقفًا متشددًا ضدّ الروس، وكان أول من انضم للغرب في معاداة موسكو، وإصدار إدانات شديدة ضد الرئيس فلاديمير بوتين، مما يجعل القرار الروسي سياسيًا بحتًا، ويأتي كنوع من الانتقام، رغم أنّه تذرع بأسباب تتعلق بانتهاكات للقانون، طبقًا ما قالت للصحيفة العبريّة.

الأوساط السياسية الإسرائيلية في تل أبيب، تكاد تجزم أنّ القرار لم يكن ليصدر لولا الموقف الإسرائيليّ من حرب أوكرانيا، وتصريحات يائير لابيد بخصوصها، ممّا أثار غضب الروس بشدّةٍ، لاسيما حين اتهمهم بارتكاب “جرائم حرب”، وقاد قرار إسرائيل بتأييد الإدانة ضد روسيا في الأمم المتحدة، وتعليق عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولذلك كان ملاحظًا أنّه منذ أنْ تولى لابيد منصب رئيس الوزراء، لم يُجرِ أي محادثة مع بوتين، كما لم يتصل الأخير به لتهنئته بتوليه منصبه الجديد، طبقًا للمصادر الرفيعة بتل أبيب.
 

شلّ مطار دمشق والمشروع الروسيّ لإدانة إسرائيل بمجلس الأمن الدوليّ
سبب ثان يذكره الإسرائيليون للقرار الروسي بإغلاق مكاتب الوكالة اليهودية يتعلّق بالعدوانات المستمرة في سوريّة، خاصة الهجوميْن الخطيريْن، الأول الذي أغلق مطار دمشق الدوليّ، والثاني على ميناء طرطوس، حيث توجد قاعدة روسيّة بحريّة.
وبرأي المصادر ذاتها هناك سبب آخر يتعلق بمطالبة الروس بالحصول على ملكية بلاط الإسكندر في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بعد أنْ تم حظر الطلب من محكمةٍ إسرائيليّةٍ، وقد بعث بوتين برسالةٍ شخصيّةٍ لرئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت بهذا الخصوص، لكن لم يحدث أيّ شيءٍ منذ ذلك الحين، ولعلّ الروس يريدون الآن خلق وسائل ضغط على إسرائيل، من خلال إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية لإجبارها على التوصل إلى تفاهم معهم.

لافروف ذكر هتلر فاستشاط لبيد غضبًا

المصادر السياسيّة الرفيعة في تل أبيب خلُصت إلى القول إنّ التخوف الإسرائيليّ السائد مصدره أنّ الأزمة مع روسيا قد تتفاقم، خاصّةً أنّ إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية لديها سيكون له عواقب وخيمة على اليهود هناك، وتحديدًا أولئك الذين ينوون الهجرة لإسرائيل، ففي العام الماضي فقط، هاجر أكثر من 22 ألفًا من روسيا، في ضوء العمل الحثيث الذي تبذله الوكالة اليهودية منذ سنوات لتشجيعهم على الهجرة، وتدير معسكرات صيفية ومؤسسات تعليمية، من خلال وجود عشرة فروع لها منتشرة في أنحاء روسيا كافة، على حدّ تعبيرها.

علاوة على ما ذُكِر أعلاه، فإنّ التصعيد والمواجهة الإعلاميّة بين موسكو وتل أبيب بلغا مستوى غير مسبوق بعد أنْ هاجم رئيس الوزراء الإسرائيليّ ووزير الخارجية يائير لبيد نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي علّق على الأصول اليهوديّة للرئيس الأوكرانيّ فولويدمير زيلينسكي بالقول: “إنّ هتلر كان على الأرجح يملك أصولاً يهوديةً، وأنّ أشد داعمي النازية في الحرب العالمية الثانية كانوا من اليهود”، على حدّ تعبير لافروف.