ذانيوز أونلاين// نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية تقريرا عن وضع السلطة الوطنية الفلسطينية التي قالت إنها تتداعى وإن الرئيس الفلسطيني المريض والمسن لا يعمل كثيرا في الحكم. وقالت “أحدهم سيحل محل محمود عباس في يوم ما”.
مجلة بريطانية: مسألة خلافة عباس تشغل بال الإسرائيليين والفلسطينيين لأسباب مختلفة
- التفاصيل
- By ذانيوز اونلاين
وقالت إن الرئيس عباس في كل عام يقوم بعرض يشبه شريط الفيديو الذي يرسله الخاطفون إلى ذوي المخطوف كدليل على حياته، لكنه في الفيديو هو “الخاطف والمخطوف”. وأشارت إلى أن الرئيس عباس اختفى في بداية حزيران/يونيو من المشهد العام ولأسبوع. وانتشرت الشائعات على منصات التواصل الاجتماعي بشأن صحته. ولكنه ظهر في الثامن من حزيران/يونيو وهو يلقي خطابا عبر الهاتف، ثم نشر مكتبه صورا له وهو يلقي الخطاب كدليل على أنه حي يرزق. وتعلق المجلة أن هذا روتين سنوي لعباس البالغ من العمر 86 عاما ويعاني من مشاكل في القلب وعولج بنجاح من سرطان البروستاتا. وفي عام 2014، وبعد تقارير عن تعرضه لجلطة، مشى مع المصورين إلى مخبز في المجمع الرئاسي.
لكن التقارير حول وفاته ستظل مبالغة، فهو رابع أكبر رئيس دولة في العالم من ناحية العمر وفي العام الـ18 من فترة رابعة في الحكم، وهي أطول فترة عاشها الفلسطينيون تقريبا. ومن بين أربعة فلسطينيين وإسرائيليين وقفوا في حديقة البيت الأبيض عام 1993 لتوقيع اتفاقية أوسلو فهو الناجي الوحيد.
ولم يسم عباس خليفة له، وهو أمر يشغل بال الإسرائيليين والفلسطينيين، وإن بطرق مختلفة. فمسألة الخلافة تثير للإسرائيليين مخاوف اضطرابات في الضفة الغربية.
أما بالنسبة للفلسطينيين فهي تمنحهم فرصة تغيير ينتظرونه منذ وقت طويل وربما ليس كذلك، لأن الرئيس ربما أراد أن يكون خليفته هو صورة طبق الأصل عنه. ويتساءل بعض الفلسطينيين عن استمرار الرئيس عباس في وظيفة لا يبدو أنه يستمتع بأدائها. فقد فوض الكثير من مسؤولياته لمساعديه. وتحت بصره ترهلت الحركة الوطنية الفلسطينية.
ولم تحدث أية مفاوضات مباشرة مع إسرائيل منذ عام 2014 ولم تجر إلا محاولات قليلة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عبر الدبلوماسية والاحتجاج، وتجنب التواصل مع أبناء شعبه، أو ناخبيه، فلا حاجة للتواصل معهم إن كنت رئيسا مدى الحياة. ويقضي معظم وقته في الخارج، إما ببيته في الأردن أو بجولات للقاء القادة الأجانب. وقام هذا الصيف بجولة شملت فرنسا ورومانيا والأردن. وكانت آخر زيارة له إلى ألمانيا حيث شنت الصحافة والمؤسسات السياسية حملة شعواء ضده لأنه اتهم إسرائيل بارتكاب “50 محرقة” ضد الشعب الفلسطيني.
ومزح رجل أعمال في رام الله بالقول إن قادة الدول “يستقبلونه على قدم المساواة” مع أنه “لا يسيطر على شيء خارج مجمع الرئاسة”. وأشارت إلى أن السلطة الوطنية التي يترأسها عباس استشرى فيها الفساد. وقال الأكاديمي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة “عندما يأتي زعيم جديد، يمحى النظام السابق” و”هو يحاول تحصين مصالح العائلة”. ومن الناحية النظرية، فيجب انتخاب الرئيس المقبل، مع أن عباس أنهى نظريا فترة في عام 2009.
ويجب على حركة فتح أن تختار زعيما. وطفت عدة أسماء على السطح خلال السنوات الماضية، مسؤول الأمن السابق جبريل الرجوب، محمود العالول محافظ نابلس السابق، ومحمد اشتية، رئيس الوزراء الحالي. ولو كان للفلسطينيين حرية الاختيار لانتخبوا مروان برغوثي، الزعيم الفتحاوي الجذاب الذي يقضي خمسة مؤبدات في سجن إسرائيلي.
وظل عباس في الحكم مدة طويلة حيث عاش أكثر من المرشح المفترض وهو كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات الذي توفي عام 2020. وظهر مرشحون محتملون لعباس في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام. فقد عين عباس حسين الشيخ في المنصب الثاني بمنظمة التحرير الفلسطينية. وهو يرافق الرئيس في الكثير من لقاءاته مع الزعماء الأجانب، ولا تختلف مواقفه السياسية عن مواقف رئيسه: تفضيل المحادثات مع إسرائيل بدلا من المواجهة، ويبدو أن الرئيس يحضره للوظيفة الأولى. ومنذ عام 2007 ترأس الشيخ مكتبا ينسق مع الجيش الإسرائيلي ويتعامل مع التصاريح والأمور الأخرى المتعلقة بالفلسطينيين. وهو ما جعله شخصية موثوقة لدى الإسرائيليين والفلسطينيين، حسب دبلوماسيين، وأنه شخص يعرفونه ويفضلونه. لكن المجموعة التي لن ترضى باختيار الشيخ، هي المهمة أي الناخب الفلسطيني. ففي استطلاع نظم بحزيران/يونيو كشف أن نسبة 3% تريده أن يكون الرئيس المقبل. ويرى الكثير من الفلسطينيين أن عمله مع الجيش الإسرائيلي هو بمثابة عمل مع العدو.
ولم يحصل الفلسطينيون على فرصة للتصويت منذ عام 2006. وهناك عدد متزايد منهم لا يريدون فقط رئيسا جديدا بل ونهجا مختلفا جدا للنزاع. وهناك نسبة 47% تدعم حل السلطة الوطنية، الحكومة التي يترأسها عباس. ودعم خطوة جذرية كهذه مرتفع دائما في غزة التي تسيطر عليها حركة حماس منذ عام 2007. وحتى في الضفة الغربية التي تقع تحت سيطرة السلطة الوطنية، فهناك نسبة 45% من الفلسطينيين يدعمون الفكرة، حسب استطلاع المركز الفلسطيني للدراسات المسحية والسياسة في رام الله.
وتعلق المجلة أن التخلص من السلطة الوطنية سيحرم إسرائيل من التنسيق الأمني ويجبرها على توفير الأمن للمناطق المحتلة، كما أنه يعني حرمان 150.000 عنصر شرطة وأمن من وظائفهم، ذلك أن السلطة الوطنية هي أكبر مصدر للعمل في الضفة الغربية. لكن دعم الفلسطينيين فكرة حل السلطة تعطي صورة عن الحال الذي آلت إليه في ظل عباس. فهي للكثير من الفلسطينيين لم تعد تحكم بقدر ما هي عجلة للفساد والتعاون مع الاحتلال. وقال أبو سعدة: “هناك فلسطينيون ينتفعون من السلطة ولكنهم أقلية”. وهنا يكمن التناقض الظاهري، فحتى لو وافقت غالبية من الفلسطينيين على إلغاء السلطة، فلن يخرج الشيخ والرجال الذين يتنافسون على خلافة عباس، أنفسهم من السباق على الوظيفة. ففي يوم ما ستثبت صحة الشائعات وستنتهي فترة عباس الطويلة. ولكن بديله قد يكون نموذجا مختلفا وإن بدرجة أقل.