بعد نفاد جميع تذاكر هذا الحفل، أقبل الجمهور منذ ساعات المساء الأولى وأخذ مكانه على مدرجات المسرح مترقّبا عرضا فنيا متكاملا يجمع الموسيقى والغناء بالكوريغرافيا وزادته العناصر السينوغرافية أبعادا جمالية وبصرية.
وسجل حفل افتتاح هذه الدورة حضور المنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي والمكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية، والذي تولى بالمناسبة تدشين معرض للصور الفوتوغرافية يوثق لستة عقود من تأسيس المهرجان (1964 – 2024) وأعلام فنية تناوبت على اعتلاء هذا المسرح.
بعد مقطع موسيقي افتتاحي للأركستر السيمفوني التونسي بقيادة المايسترو فادي بن عثمان، تابع الجمهور شريطا وثائقيا قصيرا عن بدايات لطفي بوشناق.
أطلّ بوشناق على جمهوره بصوته القوي وحضوره الركحي الباهر ليتقدّم المجموعة الموسيقية ويمتّع الحاضرين بمهاراته الفنية الاستثنائية في العزف على العود، مقدماً تجربة فنية لا تُنسى عزفا وغناءً.
ثم انتقل بوشناق إلى تقديم مقطوعات فنية من إنتاجه الخاص، حيث اختار مجموعة من الأعمال تجسّد رؤيته الفنية الفريدة وتجربته الشخصية في عالم الموسيقى.
واستهلّ الحفل بأغنية "يا شاغلة بالي" وهي من ألحان الفنان التونسي الراحل، علي الرياحي، والتي تعبّر عن العاطفة والحنين، وكان أداها في سبعينات القرن الماضي. ثم غنى رفقة معجبيه "أحنا الجود" و"ريتك ما نعرف وين" و"نساية" و"انت شمسي". وأدى رفقة الفنانة اللبنانية مشلين خليفة "العين الي ما تشوفكشي".
الحفل ناهز الثلاث ساعات، وسط تفاعل واسع من الجمهور الذي لم يكف عن التصفيق والتشجيع طوال العرض مع كل نغمة وكلمة، معبرين عن إعجابهم بتجسيد بوشناق لروح الفن والتراث التونسي بكل عمق وصدق. وتصاعد إيقاع العرض مع أغاني "مي مي" و"هاذي غناية ليهم" و"حلق الواد" و"يا ليام كفاية" (جينيريك مسلسل وردة) و"أنا مية" و"كيف شبحت خيالك" وغيرها من الأغاني التي تركت انطباعًا قويًا لدى الجمهور وأكدت مكانته كفنان مبدع ومتميز في المشهد الفني العربي.
واختار لطفي بوشناق إنهاء سهرته بأغنية "يا نوار اللوز" و"انزاد النبي" وهي من الأغاني التي جمعت بين الجمالية الفنية والمضامين العميقة التي تعبر عن الانتماء للثقافة التونسية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من مسيرة بوشناق كفنان يمزج بين الإبداع والأصالة.
وقال لطفي بوشناق في الندوة الصحفية التي تلت الحفل إنه حرص على أن يكون عرضه متنوعا يجمع بين أغانيه القديمة والجديدة ويراوح بين أنماط مختلفة كالطرب والابتهالات والفن الشعبي وغيرها.
وعبّر عن حسرته لعدم تمكن عدد من أهالي غزة من متابعة العرض بسبب انقطاع شبكة الأنترنت.
ووصف ما يحدث هناك بأنها إبادة في حق الفلسطينيين وأكبر الجرائم التي ترتكب في تاريخ الإنسانية.