افتُتح الحفل بأداء قوي ومؤثر لهذه المجموعة التي بدأت بعزف أغنيتها الشهيرة "is this love " مما أدى إلى تفاعل جماهيري منقطع النظير. وتميز الأداء بجودة موسيقية عالية، حيث أظهرت "الويلرز" تنوعا في الإيقاعات والألحان التي تمثل روح الريغي بشكل فريد.
وصلت الأجواء إلى ذروتها مع دخول أعضاء الفرقة إلى المسرح، حيث استقبلهم الحضور بتصفيق حار وهتافات تشجيع. تألقت المجموعة بأداء متقن يجمع بين الطابع الكلاسيكي لموسيقى الريغي وروح الإبداع المتجددة لهذا النمط، مقدّمة مجموعة من أشهر أغانيها التي تركت بصمة في تاريخ الموسيقى العالمية.
وأدّت هذه المجموعة أمام عشاق الريغي مجموعة من الأغاني الكلاسيكية مثل "Three Little Birds" و"Stir It Up" و" Get Up Stand Up" والتي ساهمت في نقل الجمهور إلى أجواء مفعمة بالبهجة والإيقاع.ذ
لقد قدّمت "الويلرز" أداءً نابضا بالحياة، إذ تميّز الحفل بالتفاعل الكبير بين هذه المجموعة الموسيقية العالمية وهذا الجمهور النوعي الذي كان يردّد الكلمات مع كل أغنية ويشارك في الأجواء الاحتفالية التي عمّت المسرح. كانت الأغاني التي تردّدت مثل "No Woman No Cry" و"One love" تذكيرا بتأثيرات الموسيقى العالمية، وتأصيل الروح التي تجسّدها أعمال "الويلرز".
ولم يخلُ الحفل من المؤثرات البصرية، إذ وُظّفت تقنيات الإضاءة والصوت على مستوى عال، مما ساهم في خلق تجربة حسية متكاملة، فأضفت الجمالية البصرية التي صاحبها الإيقاع الموسيقي بعداً آخر لهذا العرض، حيث أصبحت الأغاني والألوان تتناغم بشكل مثير وساحر.
وازدادت تفاعلات الجمهور مع كل أغنية حماسا، حيث رقص الكثيرون وتفاعلوا مع الأداء بطريقة أظهرت مدى عشقهم لموسيقى الريغي. كما قدمت "الويلرز" تحية خاصة للجمهور التونسي، مما جعل العرض يبدو أكثر إيقاعا ودفئًا. فالأجواء لم تكن فقط موسيقية، بل كانت أيضًا احتفالية وثقافية، حيث تواصلت الإيقاعات على مدى 90 دقيقة من الزمن، بعد أن رفض الجمهور مغادرة المسرح وظل يهتف باسم "الويلرز" التي لبّت طلبه وأرقصته على 5 أغاني أخرى منها "jamming" و" redemption song".
ودوّت موسيقى الريغي عاليا في أرجاء المسرح الروماني بقرطاج، فأوفت بخصوصياتها في التعبير عن قضايا المجتمعات التي تعاني من الميز العنصري، فهذا النمط الموسيقي الذي نشأ في جامايكا في ستينات القرن الماضي له جذور عميقة في التراث الثقافي الافريقي، وارتبط بنضال الشعوب من أجل نيل حقوقهم وحرياتهم.
ويعدّ هذا الحفل الضخم الذي قدمته "الويلرز" على مسرح قرطاج إضافة قيّمة لمهرجان دولي يُعرف بتنوع برنامجه واختياره لأهم الأسماء الفنية العالمية. ومن خلال إحياء تراث الريغي، ساهمت هذه المجموعة الموسيقية في تعزيز الروابط الثقافية بين تونس وجامايكا، وجسّدت المكانة التي يحتلها هذا النمط الموسيقي في المشهد الثقافي العالمي.
ولم يكن الحفل مجرد عرض موسيقي، بل كان أيضا احتفاءً بالتراث الثقافي والموسيقي. وتجسدت روح "الويلرز" في تقديم رسالة الوحدة والمحبة والسلام، وهو ما يتماشى مع قيم مهرجان قرطاج الدولي في الاحتفاء بالتنوع الثقافي، فكان هذا الحفل بمثابة تأكيد على أهمية الثقافة الموسيقية في بناء جسور التواصل بين الشعوب.
بهذا الحفل الساحر، أثبتت "الويلرز" مجدداً قدرتها على إحياء الروح الحقيقية لموسيقى الريغي، مسجلةً ليلة خالدة في ذاكرة الحاضرين ونحتت اسمها من ذهب كواحدة من أبرز لحظات مهرجان قرطاج الدولي لهذا العام.
وتجدر الإشارة إلى أن "الويلرز" هم أحفاد الأسطورة "بوب مارلي" (1945 - 1981)، حيث استمرت المجموعة في حمل مشعله بعد وفاته، فأحيت الحفلات الموسيقية وأنتجت أغان ومؤلفات موسيقية جديدة. وهي تعتبر إلى اليوم مرجعا في مجال موسيقى الريغي. وظلت واحدة من أسلاف وأعمدة هذا النمط الموسيقي وجميع الأنماط الموسيقية الأخرى التي تدور في فلك الريغي.