ثقافة

أيام قرطاج المسرحية مسرحية "جنونستان" لحكيم حرب

جنون الحكم، جنون الثروة، جنون الفساد، جنون التغوّل، جنون التسلّط، جنون الكرسي وجنون الديكتاتورية التي تقضي على الشعب وأحلامه خدمة للحاكم والمصلحة الخاصة، جنون العبث بكل القوانين والدساتير لأجل مزيد من المال، هي أهم النقاط التي تطرحها مسرحية "جنونستان" للمخرج حكيم حرب من الأردن التي احتضنتها قاعة المونديال يوم الأحد 8 ديسمبر ضمن العروض الموازية لأيام قرطاج المسرحية.

"جنونستان" عمل أنتجه مسرح الجوالة إخراج حكيم حرب، و تمثيل نهى سمارة، عمران العنوز، إياد الريمونى، هاني الخالدي، نور عطا الله، قيس حكيم وقمر بدران وكامل الشاويش وحكيم حرب. المسرح وعاء للحرية، وحده الرّكح يحتضن كل تلوينات الإبداع ، الرّكح يتقبل النقد والسخط والشعارات الثائرة، وفرقة مسرح الجوالة جاءت محملة بمعاني الرفض ومشحونة بشعارات الحرية والتحرّر، من أغاني الشيخ إمام انطلقت القصة، من أغنية "دور يا كلام" تبدأ حكاية شعب دولة اسمها "جنوبستان" تخسر حربا، رئيسها يختفي لمدة ثلاثة أيام، فيحدث الخوف في صفوف المقربين من السلطة، وهم الشيخ والمستشار والوزير، يتحاورون ويختلفون ثم يقررون إيجاد رئيس جديد علّه يكون أفضل من الرئيس الهارب، تتغير نوتات الموسيقى وتصبح عسكرية، ليظهر الرئيس من جديد حينها تتحول الشخصيات من رافضة وداعية للتغيير إلى خانعة تهلل وتطبّل.

"جنونستان" نقد مباشر للأنظمة العربية خاصة السياسيين وأصحاب النفوذ اللذين يجمعون المال وكلما حدث طارئ أجمعوا على ضرورة الترفيع في الضرائب والأسعار حتى يحققوا توازنا اقتصاديا، لكنّ الرئيس العابث تخطر له فكرة عجيبة لمحاربة عجز الميزانية فيقرر أن يجبر الوزراء والمتسلقين والفاسدين على كتابة وصيّاتهم والتخلي عن كل أموالهم لصالح الدّولة، حينها يحدث الصراع وتحاك الخيانة وينتصر الوزراء الفاسدين لذلك الثائر والشاعر المتمرد وتعلو في القاعة أغنية "شيد قصورك ع المزارع، من كدّنا وعمل إيديناّ" وتنقل أحداث الثورة ويعايشها الجمهور فالممثلين ينزلون وسط الجمهور ليشاركوه الغناء، الثورة تكتم بالسلاح وبعدها يتنصل "الشيخ" من معرفته بأحداث الثورة أو التخطيط لها، ينكر الوزير أيضا بينما يعلن الشاعر والثائر تمسكهما بالثورة لأنهما يحبّان "جنوبستان" ويحبان الشعب، وتحدث الصدمة حين يقرر الرئيس العفو عن الثوّار.

تتواصل أحداث اللعبة الساخرة التي يخوضها الرئيس العابث فيطلب من الثائر تبادل الأدوار بالقول "دع أتباعك وثوارك الأحرار يلبسون لباس السلطة وأرنا ما الذي سيفعلونه" وبالفعل تنقلب الأدوار وتحدث الخيانات ويجرّب الكل إحساس السلطة والصدمة تكون حين يجرب "الشيخ" كرسي الحكم حينها تمحى كل الألوان ويسيطر السواد على المكان، فيعود الشاعر من جديد ليدعوا إلى الثورة، فالمسرحية تؤكد أنّ الفن هو السلاح لبلوغ الحرية المنشودة.