وعلّالة الحواشي، ناقد وشاعر تونسي وروائي في رصيده العديد من الكتابات والاصدارات الشعرية منها "حلّاج البلاد" سنة 1995 و"صلوات أخرى" و"فرس النهر" سنة 2004 و"هذا الكتاب" سنة 2014 وتعتبر رواية "أسفار أبي الأحناش المفقودة" التي كتبها في بداية 2019 و رواية "دارنا ودوّارنا" في نهاية نفس السنة، أولى اعماله في مجال الرواية الطويلة وتعدّ كتابة في "السيرة والمسيرة".
يقول الكاتب في بداية اللّقاء "لقد بدأت رحلة كتابة "أسفار أبي الأحناش المفقودة" و دارنا ودوارنا" في السيرة عقب حالة الصدمة التي عشتها عند موت والدي سنة 2015 وسفر ابني في نفس المدّة فكادا أن يكونا كتابا واحدا حتّى وافت المنيّة أخي فأردت أن تكون جميع الاصدارات إهداء ونعيا لأخي الذي لم أصدّق موته حتى هذه اللحظة".
ويضيف الرّوائي قائلا "لقد دامت كتابة هذه السّيرة مائة سنة من النّضال كما أنّ في عنونة "أسفار أبي الأحناش المفقودة" دلالة ومغزى فالأسفار هي الكتب والأحناش هي الجبال نسبة لجبل أبي الأحناش في تالة حيث مسقط رأسه،" معتبرا أنّ" الأحناش ترمز الى الصلابة وما أخرجت الجبال من نساء حرائر ورجال أحرار شأن علي بن غذاهم "يوغورطة البربري" زمن ثورة الفراشيش سنة 1906" و تدخل الشاعر والكاتب الصحفي عادل المعيزي سائلا" كيف استطعت سيدي تجميع كل هذه الوقائع وتاريخ كلّ هذه القصص زمكانيّا خاصة وأنّك لم تبلغ المائة سنة؟"، مضيفا "لقد سبق وأن أجريت معك حوارا في جريدة الصباح منذ سنة 1997 ولكن طالما بادر ذهني هذا السؤال هل كنت وفيّا في نقل هذه الاحداث التّاريخية أم هي محض تخيّلات من نسج مخيالك؟" أجاب الحوّاشي بنبرة الواثق" لقد تناقلت الأخبار والحكايات عن أبي وجدّي وعايشت أغلب الشخصيات التي استوحيت منها كتابتي ويدخل هذا في منطق الأدب الشفوي، فليس المشكلة في تجميع الأفكار بل في طريقة صياغتها، كما ستجد في الروايتين كلاما مسجّعا وشعرا مقفّى، ومن رأيي أوّل الأسطورة واقع فليس هنالك اختراعات بل هنالك اكتشافات لأشياء سبق اكتشافها ولم يكن غيلان المسعدي محاذاة لعبثيّة آلبير كامو بل هو أسطورة غيلان التونسي فالرّواية شجرة تنبت ثنائيات "حبارة وغيلان" و "مباركة ومحمود" وانتهت ب"أسماء وعلاء" ولعلّ اسم علاء احالة على اسم علّالة الذي عاش الحرمان والجوع والكرب عقودا متوالية ساهمت في تكوين كينونتي".
واستطرد الحوّاشي قائلا : " في الحقيقة لم أقم بتحقيق يرصد تاريخ الأحداث بقدر ما يحضر الجانب المنطقي والجدلي في تحليل وصياغة الأحداث فأسطورة "أم النّعوش" مثلا وهو الطائر الّذي يقتل الأطفال و هي أسطورة من القصص السّماريّة وتعود "أم النعوش" في الكتابات المسمارية الى "ايليت " وهي القمر الأسود زوجة آدم الأولى والتي خُلقت مثله من أديم الأرض فتمرّدت عليه قائلة" لن أطيعك ولن أكون تحتك" فعاقبها الله وجعلها في النار وخلق امرأة من ضلع آدم تؤنسه...." واثر المداخلات تبادل الحضور نقاشات دارت عن الأسطورة والحقيقة ومواضيع شتّى محورها الحب ومنزلة المرأة والدين..