كما يشهد هذا الإدراج على الجهود الخاصة التي تبذلها اليونسكو من أجل تشجيع الإدراج المشترك بين عدة بلدان بغية تحقيق التقارب بين الشعوب والثقافات.
يُعتبر هذا الإدراج المشترك نجاحاً عظيماً، وهو دلالة هامة على الاعتراف الثقافي، كما أنّه نجاح دبلوماسي حقيقي يتناول موضوعاً يحمل أهمية ورمزية كبيرة للشعوب في هذه المنطقة بمجملها، بل ويتجاوزها أيضاً.
يتبيّن من توافق الآراء هذا أنّ التراث الثقافي يمكن أن يكون شخصياً واستثنائياً في الوقت نفسه، ويتجاوز الحدود.
يعتبر الكسكس طبقاً يميّز حياة شعوب هذه البلدان الأربعة وأكثر، فلا يوجد زفاف أو عيد أو اجتماع عائلي من دون الكسكس؛ فهو في الوقت نفسه طبق الأيام العادية والمناسبات الاستثنائية، وطبق الأفراح والأتراح، ويؤكل في المنزل وخارجه، وفي الزوايا (وهي أماكن تقليدية للعبادة) على سبيل المثال، أو حتى في الهواء الطلق، وبمناسبة تقديم الذبائح وتبادل الهبات.
ويرافق الكسكس النساء والرجال والشيب والشباب والسكان المستقرين والرحّل، وأبناء الريف وأبناء المدينة والشتات، من المهد إلى اللحد. ولا يمكن اختصاره بالمكونات المميزة له، فالكسكس أكثر من مجرد طبق، إنّه أوقات مميزة وذكريات وتقاليد ومهارات وحركات تتناقلها الأجيال.
لذلك هناك وصفات لتحضير الكسكس بعدد العائلات التي تُعده، وهناك مجموعة لا متناهية من الفروق الدقيقة بين المناطق، وتختلف مكونات هذا الطبق باختلاف النظم الإيكولوجية، من سهل أو جبل، من واحة أو صحراء، من ساحل أو جزيرة، مما يجعل من الكسكس مرآة للمجتمعات التي تطهوه.