وتحمل شواهد قبور الموتى نصوصا تدل على ذلك، فهناك نص يقول: "كنت طفلا بريئا"، وآخر يقول: "كنت صغيرا ولم أرتكب آثاما". حسب الآثاري المصري علي رضا، لم يكن يسمح للطفل بتعلم الحرف إلا بعد أن يصل إلى سن النضوج، ويُترَك في مرحلة الطفولة الأولى للتعلم واللعب والتمتع بسنواته الأولى. وكانت هناك نصوص تدل على وعي المجتمع بالفرق بين مرحلتي الطفولة والنضج.
وقال رضا إن "الأب كان يفخر بأبنائه فخرا شديدا"، مشيرا إلى نص كتب على تمثال أحد كهنة آمون ويرجع لعصر الأسرة الـ22 في مصر القديمة، وفيه يتحدث الكاهن عن ابنه، حيث يقول: "أحببته وهو طفل صغير. أعجبتني فيه دماثته. وعندما أصبح غلاما لمست فيه النضج، ولم يكن عقله يتناسب وصغر سنه، فقد كان يجيد اختيار الكلمات، ولم يكن في كلامه ألفاظ نابية".
وأضاف: "هكذا كان الأبناء محل احترام الآباء في مصر القديمة". من الملفت أن الأم في مصر القديمة كان لها حق اختيار اسم الطفل، وتدل على ذلك ترنيمة قديمة ترجع لعصر الدولة الحديثة وموجهة للإله آمون، وتقول تلك الترنيمة: "أمه التي أعطته اسمه". تعددت أسماء الأطفال لدى قدماء المصريين، وهناك أسماء ارتبطت بالآلهة، مثل "أمنحتب" (آمون إله الخير)، وأخرى ارتبطت ببعض المهن مثل "صائد الطيور"، وأسماء وصفية مثل "وارسو" (كبير).
قالت المترجمة والباحثة المصرية رشا سلامة إن بعض علماء المصريات الأجانب مثل روزا ليند، وجاك يانسن، رأوا أن أسماء بعض الأطفال ترتبط بتاريخ ميلادهم، وأن قدماء المصريين كانوا يتذكرون أيام ميلاد أطفالهم. بحسب سلامة، جرى العثور على نصب تذكاري يعود لعصر الأسرة الـ21، مسجل عليه يوم الميلاد بالسنة والشهر واليوم.
وفي منطقة دير المدينة الأثرية غرب مدينة الأقصر، التي كانت تعرف قديما باسم "مدينة العمال"، عثر علماء المصريات على كشوف مذكور فيها سبب غياب العمال عن العمل في أيام معينة، وكُتب أمام سبب الغياب جملة "يوم عيده". وذهب علماء المصريات إلى أن "يوم عيده" تعني يوم مولده، أي عيد ميلاده، وكتب أمام خانة سبب غياب عامل آخر "عيد ابنته" أي عيد ميلاد ابنته، وتلك النصوص التاريخية تدل على أن الأسرة في مصر القديمة احتفلت بأعياد ميلاد أطفالها.