وذكرت مصادر مقربة من الضحية أنها تقدمت بشكاوى للشرطة قبل أيام من الجريمة، بسبب تعرضها للعنف الزوجي والتهديد، إلا أن الأمن لم يتدخل لحمايتها.
ومن جهته أوضح الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بالكاف فوزي الداودي، في تصريحات إعلامية، أن الضحية أسقطت حقها في التتبع خلال مثولها أمام النيابة العمومية من دون أي ضغوطات، مضيفا أن الصلح كان يبدو ظاهرا بين الطرفين.
الجريمة التي هزت تونس سبقتها جريمة مماثلة قبل أسبوع في نفس المحافظة، بعد أن قتل زوجا زوجته بواسطة آلة حادة، وتلتها جريمة أخرى في محافظة نابل، بعد أن دهس زوج أم أبنائه بالسيارة.
حوادث خلفت إدانات واسعة من المنظمات الحقوقية خاصة منها الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء، وقد أطلقت حملة تحت شعار "اسمها رفقة رددوا اسمها كثيرا قولوه كل يوم"، في إشارة لحادثة مقتل رفقة الزوجة والأم برصاص زوجها الشرطي.
وانتقدت الحملات المناصرة للنساء ما سمته "التطبيع" داخل المجتمع التونسي مع ظاهرة العنف ضد النساء وعدم تطبيق القانون في حالات تعرضهن للعنف والاعتداءات داخل الأسر.
ودعت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات المواطنات والمواطنين في بيان لها، إلى تعليق لافتة يوم العيد بداية من الساعة العاشرة صباحا على أبواب المنازل وشبابيك البيوت والمقرات تحت عنوان "لا عزاء للنساء والعنف يقتلهن كما الوباء"، وذلك للتعبير الجماعي عن رفض هذه الجريمة التي ساهمت فيها الدولة بمؤسساتها.
وأكدت المنظمة أن رفقة هي ضحية منظومة مؤسساتية ومجتمعية تهاونت مع العنف الذي يطال ويقتل النساء، وسمحت بحرب ذكورية تشن على النساء في تونس حيث أصبح المجتمع يتصالح مع العنف ضد النساء ويبرره.
واعتبرت النساء الديمقراطيات أن الدولة جعلت من قوانينها لصالح النساء مجرد حبر على ورق ولم ترفق إصدارها بسياسة جزائية تسمح بتطبيقها وتكرس الحماية الفورية للضحايا.
بيان المنظمة أكد أيضا أنه لا يمر أسبوع على تونس دون أن يودي العنف بحياة امرأة في ظل انسحاب الحكومة من مسؤولياتها تجاه المواطنات واستهتارها بحياة النساء وكرامتهن، كما اعتبر أن مقتل الضحية رفقة الشارني على يد زوجها الأمني هو نتيجة منطق "الزمالة الأمنية والتضامن المهني" والتواطؤ الذكوري، مشيرا إلى أنه كلما "كان الجناة من أصحاب السلطة والجاه كلما تركت الضحايا معزولات أمام جلاديهن".
في السياق قالت أستاذة علم الاجتماع نجاة العرعاري في تصريحات للموقع إن العنف يلقى جذوره في الثقافة الذكورية داخل المجتمع حيث يمارس بعض الرجال العنف داخل الأسرة إثباتا لسلطتهم ويدل على انعدام ثقافة الحوار ومظاهر الاحترام بين الجنسين خاصة بعد أن أهملت الدولة دورها في العمل على تثقيف الناشئة على المساواة.
هذا ودعا مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" إلى ضرورة التطبيق الفعلي لما جاء به القانون عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة والطفل.
وجدد التزامه بالعمل على نشر ثقافة حقوق النساء والفتيات من خلال التوعية والتكوين كآلية من آليات الحماية والوقاية من كل الانتهاكات والاعتداءات المبنية على النوع الاجتماعي.
وبدورها استنكرت وزارة المرأة والأسرة في بيان لها ارتفاع منسوب العنف المنزلي بتونس أثناء جائحة كورونا وخلال شهر رمضان.
تجدر الإشارة إلى أن البرلمان كان قد أقر في عام 2017 قانونا لمكافحة العنف ضد النساء، غير أن استفادة ضحايا العنف الأسري منه بقيت محدودة، بسبب نقص النصوص الترتيبية المكملة للقانون وضغوطات المجتمع التي تدعو النساء للصبر على سلوك شريك الحياة حتى في حالات العنف حفاظا على تماسك الأسرة.