موقع بريطاني: المقاومة حلال على أوكرانيا وحرام على غزة !

رأي
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

ذانيوز أونلاين// قال الصحافي البريطاني جوناثان كوك إن آخر مرشحين لزعامة حزب المحافظين تسابقا في دعم الغارات الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وجاء في مقاله الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” في لندن أن ليز تراس، وزيرة الخارجية الحالية والمتنافسة مع وزير الخزانة السابق ريشي سوناك على زعامة حزب المحافظين زادا على بعضهما البعض حول من يدعم إسرائيل أكثر.

وفي الوقت الذي أطلقت إسرائيل العنان لغاراتها على غزة يوم الجمعة، بعث المرشحان الأخيران لخلافة جونسون رسائل تعهدا فيها بالولاء لإسرائيل. وأكد توقيت الرسالتين لجماعة ضغط موالية لإسرائيل عن تعهد الساسة البريطانيين في الحكم والمعارضة بجعل إسرائيل موضوعا مهما في الحملات الانتخابية للتنافس على المنصب الأبرز في الحكومة، وانضموا بهذه الطريقة إلى زملائهم الأمريكيين. وحاول سوناك وتراس التأكيد على سجلهما في دعم إسرائيل التي قتلت 45 فلسطينيا في ثلاثة أيام من القصف على غزة، ومن بينهم 16 طفلا، إلى جانب جرح المئات. وقالت إسرائيل إن عددا من قادة حركة الجهاد كانوا من بين القتلى، حيث تم إعلان وقف إطلاق النار في ليلة الأحد.

وكما هو متوقع خرج قادة الغرب للتعبير عن دعمهم القوي لإسرائيل، مع أنها في هذه المناسبة لم تتظاهر بأنها “تنتقم” ضد صواريخ انطلقت من غزة. فقد كانت إسرائيل البادئة بالهجوم وزعمت أن الغارات كانت لمنع هجوم من حركة المقاومة الفلسطينية، الجهاد الإسلامي. ويمكن للواحد تخيل رد فعل الساسة في الولايات المتحدة وأوروبا لو بررت جماعة فلسطينية هجوما ضد إسرائيل لمنع هجوم إسرائيلي في المستقبل. وعلى أية حال، وكما هو متوقع، ترك الهجوم آثاره العكسية، حيث ردت حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق مئات من الصواريخ ضد إسرائيل.

 وفي الحقيقة، وهذا ما لم يتطرق إليه لا الإعلام الدولي أو الساسة الغربيون، فالفلسطينيون، وخلافا لإسرائيل، لهم حق بناء على القانون الدولي لمقاومة الجيش الإسرائيلي، وليس لأن إسرائيل كانت وما زالت دولة محاربة ومحتلة لأراضيهم منذ عقود. بالإضافة إلى هذا عرضت إسرائيل قطاع غزة لحصار مستمر منذ 15 عاما، وتسيطر على كل شيء يدخل أو يخرج منه، وهو منطقة مزدحمة تقع على شاطئ البحر المتوسط. وترك القطاع مدمرا، نظرا للهجمات المستمرة على مدى أكثر من عقد، وهي التي تسميها المؤسسة الإسرائيلية عمليات “قص العشب”، فهو بدون كهرباء كافية وتنتشر فيه حالات فقر التغذية بين الأطفال والفقر. ولاحظ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش في العام الماضي “لو كانت هناك جهنم على الأرض، فهي حياة أطفال غزة”. وجهنم صنعها البشر وتحديدا إسرائيل.

 وقال الكاتب إن أكثر التعليقات نفاقا ظهرت نهاية الأسبوع الماضي وجاءت من السفير الأوكراني في إسرائيل يفغين كورنشوك، فقد كتب تغريدة دعم فيها إسرائيل وقلب فيها الواقع رأسا على عقب. وعبر عن “تعاطفه العميق” مع الرأي العام الإسرائيلي، مقترحا أن إسرائيل مثل أوكرانيا تواجه “عدوانا وحشيا من جارتها”. وأضاف أن “الهجوم على النساء والأطفال مستهجن”، مع أن إسرائيل هي التي بدأت الهجوم والأطفال والنساء الذين قتلوا كانوا من غزة وماتوا تحت أنقاض القنابل الإسرائيلية. وتقدم تعليقات سفير أوكرانيا كورنشوك النفاق الأوسع للساسة الغربيين، الذين عبروا عن غضبهم من الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير، إلا أنهم ظلوا ولسنوات يقللون من أهمية عدوان إسرائيل ضد غزة أو يدعمونه.

وبدت المعايير المزدوجة واضحة من المرشحين لخلافة جونسون. وقدمت تراس وسوناك وعلى مدى الأسبوع الماضي الدعم الذي لا يتزعزع لإسرائيل التي كانت تقتل المدنيين في غزة. وفعلا هذا أمام جماعة اللوبي المؤيدة لإسرائيل في حزبهما “أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين”. وأكدت تراس: “يجب أن تقف بريطانيا إلى جانب إسرائيل الآن وفي المستقبل. وكرئيسة للوزراء فسأكون في مقدمة هذه المهمة”، وتعليقات تراس المفضلة في الاستطلاعات للفوز في السباق، من الصعب تقبلها.

 فكوزيرة للخارجية، كانت صريحة في شجبها الغزو الروسي لأوكرانيا ووصفته بـ “الاحتلال غير الشرعي”، ودعمت البريطانيين الذين تطوعوا للقتال في أوكرانيا، ودعت بصراحة لإرسال الأسلحة للأوكرانيين كي يدافعوا عن أنفسهم. واقترحت تحويل أموال الأثرياء الروس التي جمدتها بريطانيا إلى أوكرانيا. وبالطبع فلن تعمم تراس أيا من المواقف المبدئية التي شجبت فيها العدوان الروسي، على الفلسطينيين الذين يواجهون العدوان الإسرائيلي. ومن غير المعقول أنها ستدعم إرسال الأسلحة للفلسطينيين كي يدافعوا عن أنفسهم ضد الهجوم الإسرائيلي.

بل على العكس، زادت حكومة تراس مبيعات السلاح إلى إسرائيل لمستويات عليا، حتى مع خنق غزة وسرقة المستوطنين المزيد من أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية. وسيكون خارج المعقول موافقة تراس على تجميد أموال إسرائيليين في بريطانيا واستخدامها لإعادة إعمار غزة. أو أنها ستدعم متطوعين بريطانيين لمساعدة الفلسطينيين على مقاومة الحصار الخانق والطويل. ومرة أخرى فما اعتبر أمرا مقدسا بالنسبة لأوكرانيا حرم على الفلسطينيين، مع أن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين تعود إلى عقود، وليس لأشهر.