تقديرات الأمن الإسرائيلي: حزب الله سيردّ هذه المرّة و نصر الله ألزم نفسه علنا

تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي اطلع عليها المجلس الوزاري المصغر يوم أمس، الإثنين، إلى أن حزب الله سوف يرد على الهجمتين المنسوبتين لإسرائيل في سورية ولبنان، وعليه، فإن حالة التأهب القصوى التي أعلنها الجيش الإسرائيلي مستمرة على طول الحدود مع سورية ولبنان، كما يحافظ على جاهزية على حدود قطاع غزة خشية حصول تصعيد آخر في الجنوب.

وكانت إسرائيل قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على سورية، السبت، والذي قتل فيه اثنان من عناصر حزب الله، وإيراني ثالث، بادعاء أن المجموعة كانت على وشك تنفيذ هجوم بطائرة مسيرة في الجولان المحتل. وبعد ساعات معدودة، تم تفعيل طائرة مسيرة استهدفت مكاتب لحزب الله في الضاحية الجنوبية، دون أن تعلن إسرائيل مسؤوليتها، بينما اتهمها الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بشكل صريح، وهدد بالرد على أهداف عسكرية إسرائيلية.

وبحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن إسرائيل تدرك أن نصر الله سوف يلتزم بتهديده، خاصة وأنه حدد في الشهور الأخيرة "الخطوط الحمراء" في المعارك مع إسرائيل، حيث هدد بالرد على أي مس بعناصره في سورية، وعلى أي محاولة لمهاجمته في أراضي لبنان، ما يعني أن نصر الله قد ألزم نفسه في خطابه السبت. ويضيف أن التطورات سوف تتعلق إلى حد كبير بنتائج رد حزب الله.

ففي جولة تصعيد سابقة بين الطرفين، في كانون الثاني/ يناير 2015، لجأت إسرائيل إلى "احتواء" الوضع بعد أن قتل حزب الله ضابطا وجنديا إسرائيليين في منطقة مزارع شبعا، ردا على مقتل 7 عناصر، لبنانيين وإيرانيين، في عملية نسبت إلى إسرائيل في الجولان السوري غير المحتل، الأمر الذي يشير إلى أن إسرائيل قد تبادر إلى الرد بعملية في حال وقوع إصابات كثيرة نتيجة لهجوم محتمل من قبل حزب الله. وبكلمات أخرى فإن "النتائج التكتيكية قد تملي ثانية تطور الأمور على المستوى الإستراتيجي". يشار إلى أنه خلال خطاب حزب الله، وردت تقرير عن هجوم آخر، نسب لإسرائيل، على حدود سورية مع العراق، قتل فيها 9 من عناصر كتائب حزب الله العراقية.

وتعرضت قاعدة تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في قوسايا في البقاع، بالقرب من الحدود السورية. وكتب هرئيل، أنه في كل الحالات، فإن الهجمات الأخيرة المنسوبة لإسرائيل تشير إلى أنها تلوح بسياسة جديدة أكثر قتالية حيال إيران وحزب الله، حيث كانت في مطلع العقد الحالي تتركز على إرساليات السلاح الإيرانية إلى لبنان عن طريق سورية.

ومنذ كانون الأول/ ديسمبر 2017 حصل تغيير، واستهدفت الهجمات الإسرائيلية محاولات التموضع العسكرية الإيرانية في سورية. وفي الشهر الماضي حصل تغيير آخر في السياسة، حيث بدأت إسرائيل بضرب أهداف إيرانية في العراق. نتنياهو كمستفيد من خلط الأمني بالسياسي مع توسيع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حدود المعركة ضد إيران، تطرح تساؤلات إسرائيلية بشأن أسباب تغيير السياسة الإسرائيلية وما إذا كانت تبرر ذلك.

وفي هذا الإطار، كتب المحلل العسكري أن المعارضة ترد بأسلوبين عندما تقرر الحكومة تصعيد عملياتها العسكرية. فحزب "كاحول لافان"، الذي يقوده ثلاثة من رؤساء الأركان السابقين، يلجأون إلى الصمت، أما بشأن قطاع غزة فهم يهاجمون نتنياهو بسبب ما يطلقون عليه "سياسة الانضباط".

وفي المقابل، هناك أصوات أخرى، على شبكات التواصل الاجتماعي، تتتهم نتنياهو بالتآمر السياسي، حيث أنه يشعل الحدود بهدف تغيير جدول الأعمال في حملته الانتخابية وفرض الأمني باعتبار أنه يخدم نتنياهو. وكانت قد أطلقت مثل هذه الادعاءات على خلفية جولة التصعيد التي حصلت في عام 2015، والتي سبقت الانتخابات أيضا، إلا أن نتنياهو في حينه لم يلجأ إلى تصعيد الأوضاع إلى حد الدخول في مواجهة مع إيران وحزب الله.

وتساءل هرئيل عن التغيير في سياسة نتنياهو، خاصة في ظل نتائج الاستطلاعات، وحاجته إلى تجاوز 61 عضو كنيست لتشكيل ائتلافه الحكومي بدون حزب "يسرائيل بيتينو"، مدفوعا أيضا بحاجته إلى وقف الإجراءات القانونية ضده في ملفات الفساد.

وفي المقابل، ونظرا لتشابك السياسي بالأمني في إسرائيل، يضيف، أنه من الصعب إجراء فصل كامل بين الاعتبارات المختلفة، دون أن يستثني إمكانية أن يكون الاعتبار المركزي "أمنيا"، بداعي أن إسرائيل تعاين عمليات إيرانية متصاعدة لبناء قوة عسكرية على حدودها وتنفيذ هجمات ضدها. ويلفت إلى أن المجلس الوزاري المصغر ضعيف، في ظل وجود معارضة ضعيفة، وغياب رقابة لجنة الخارجية والأمن في الفترة بين معركتين انتخابيتين، حيث أن نتنياهو يشغل منصب وزير الأمن أيضا، علاوة على عدم وجود وزراء مجربين، أمثال إيهود باراك وموشيه يعالون وأفيغدور ليبرمان.

وكانت تقارير سابقة، نشرت في "هآرتس"، قد أشارت إلى أن المجلس الوزاري الحقيقي يتألف من المستشارين المقربين من نتنياهو، وهم سفير إسرائيل في الولايات المتحدة رون ديرمر، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس المجلس للأمن القومي مئير شبات، وإلى حد ما، رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي. ومن اللافت أيضا، أن هذه التطورات تأتي على خلفية تطورات أخرى على مستوى الولايات المتحدة وإيران، حيث وصل، بداية، وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى بياريتس في فرنسا حيث تعقد قمة مجموعة الدول السبع، كما صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم أمس، أن الظروف قد نضجت لعقد لقاء يجمع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع نظيره الإيراني، حسن ظريف، الأمر الذي "لا يبشر بالخير بالنسبة لنتنياهو المعني بزيادة الضغوطات الأميركية على طهران".