وشدّدّ المُحلِّل على أنّه من غير المعقول ولو منطقيًا أنْ يتوصّل جميع الكُتّاب الذين نشروا مقالات عن الأردن إلى نفس النتائج، بعد أنْ وردت في مقالاتهم، التي نُشِرت في عددٍ من وسائل الإعلام، فرضياتٍ مُتطابقةٍ للغاية، الأمر الذي يؤكّد على أنّهم تلّقوا الأوامر من المصادر نفسها بالمؤسسة السياسيّة الإسرائيليّة، التي حاولت أنْ تُوجِّه رسالةً حادّةً كالموس إلى عمّان وهي أنّ إسرائيل عاقدة العزم على تفجير اتفاق السلام مع الأردن، كما شدّدّ المُحلِّل في كشفه.
وتابع إنّه وفق جميع الدلائل والقرائن والمؤشِّرات فإنّ ضمّ غور الأردن، وهي الخطوة التي كان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد أعلن عنها عشية الانتخابات التي جرت بالكيان في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، هي عمليًا خطوةٌ تكتيكيّةٌ من أجل قتل عصفوريْن اثنيْن بحجرٍ واحدٍ:
أنْ يؤدّي ضمّ غور الأردن إلى ضمّ الضفّة الغربيّة المُحتلّة للكيان، الأمر الذي سيؤدّي حتمًا لإلغاء اتفاق السلام مع الأردن المُوقَّع بين الدولتين عام 1994، مُضيفًا أنّه في ذات الوقت، تسعى إسرائيل من خلال هذه الخطوات التكتيكيّة إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجيّة والتي تتمثّل حتى اللحظة بخطوتين اثنتين: الأولى، إسقاط الملك عبد الله الثانيّ من منصبه ووضع حدٍّ لحكم العائلة الهاشميّة، والثاني تحقيق حلم اليمين الإسرائيليّ والقاضي بتطبيق خطّة الوطن البديل، أيْ إقامة الدولة الفلسطينيّة في الأردن، طبقًا للمُحلِّل الإسرائيليّ. وأوضح الكاتب في (هآرتس) أنّ هذه الرؤية تجمع اليمين الإسرائيليّ برمتّه، وهذا يشمل نتنياهو وغريمه في الحزب، النائب غدعون ساعر، كما أنّه يشمل القاعِدة الشعبيّة الواسِعة التي تؤيّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ، مُضيفًا أنّ اليمين في الكيان يبغُض بُغضًا شديدًا الملك عبد الله الثاني، ويصفه بأنّه كـ”العبد الذي وصل إلى سُدّة الحكم”، ويُضيف بأنّ الملك هو بمثابة عربيٍّ وقِحٍ، الذي يتجرّأ على رفع رأسه، ذلك لأنّ اليمين الإسرائيليّ، وفق (هآرتس)، يؤمن إيمانًا مُطلقًا بأنّه تمّ تعيين الهاشميين ملوكًا بصورةٍ اصطناعيّةٍ من قبل الإنجليز، وبالتالي فإنّ حكمهم ليس شرعيًا، بحسب أيديولوجيّة اليمين الإسرائيليّ.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ اليمين الإسرائيليّ يمقت المواقف التي يُبديها الملك عبد الله والتي تؤكِّد أنّ له العامود الفقريّ، حيث يتساءل اليمين: مَنْ هذا العربيّ الوقِح الذي يجرؤ على الاعتراض والإعلان عن رفضه لفرض السيادة الإسرائيليّة في غور الأردن والضفّة الغربيّة؟ ويُضيف كُتّاب اليمين أنّه إذا واصل التمسّك بهذا الموقِف فإنّ إسرائيل ستقوم بمنع وصول المياه إلى مملكته، بهدف احتقاره وازدرائه، وأنْ يؤدّي ذلك إلى تشويش تفكيره حتى يُعلِن عن تجميد اتفاق السلام مع إسرائيل أوْ حتى إلغائه، وعندها يُمكِن لليمين وحلفائه العمل على إسقاطه من الحكم، كما أكّد الكاتِب في (هآرتس)، الذي أضاف أنّه من ناحية إسرائيل الملك هو مفتاح ضمّ الضفّة الغربيّة بدون ضمّ ملايين الفلسطينيين الذين لا يتمتّعون بأيّ حقوقٍ.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، يُعوِّل اليمين الإسرائيليّ على “ربيعٍ أردنيٍّ”، وخلاله تقوم الأكثريّة الفلسطينيّة بالمملكة بالانتفاض ضدّ النظام الهاشميّ وصولاً إلى قلب نظام الحكم، وتصل الثورة لذروتها عندما يُطرَد الملك عبد الله، وعندها يُتاح لإسرائيل ضمّ الضفّة الغربيّة وإنشاء الكونفدراليّة بين الأردن والسلطة الفلسطينيّة-الأردنيّة بالضفّة الغربيّة، ولفت الكاتِب إلى أنّ الفلسطينيين بالضفّة يحصلون على حقوقٍ سياسيّةٍ بالأردن، وطبعًا ليس في إسرائيل، والملك عبد الله يمنع تنفيذ الخطّة، وبالتالي لا مفّر من إسقاطه. وشدّدّ الكاتِب الإسرائيليّ على أنّه بالنسبة لليمين الإسرائيليّ، وذلك يشمل نتنياهو، فإنّ الملك عبد الله يُشكِّل خطرًا على السيطرة على الأماكِن المُقدسّة في القدس المُحتلّة، وهو بالنسبة لليمين بمثابة جزءٌ لا يتجزأ من حقبة أوسلو الخيانيّة، وعليه فإنّ اليمين يعمل على التصعيد الإسرائيليّ ضدّ الأردن في جميع المجالات، لأنّ طرد الملك من الحكم هو المِفتاح من وجهة نظر اليمين لإلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل والذي يعترِف بحقّ الأردن بإدارة الأوقاف في منطقة المسجد الأقصى، ووفقًا لليمين الإسرائيليّ، فإنّ طرد العاهِل الأردنيّ من منصبه هو الحلّ الأمثل لضمّ الضفّة الغربيّة بدون ضمّ ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون فيها، قال الكاتِب في (هآرتس) العبريّة.