وبالنسبة للغرب، تكمن المشكلة لدى روسيا فيما يعرف باسم "التشابك النووي"، أي تلاشي الخطوط الواضحة بين الأسلحة التقليدية والنووية، بحسب موقع "ناشونال إنترست" الأميركي. ويتجسد ذلك في امتلاك موسكو صاروخا يحمل رؤوسا حربية نووية، وآخر يصعب التكهن بنوع الرأس الذي يحمله.
وحسب الموقع، فإنه "لا يمكن أن نعرف ما الذي دار في رأس بوتن، عندما أعلن مؤخرا عن تطوير بلاده صاروخا عابرا للقارات قال إنه لا يقهر، بالإضافة إلى جملة أخرى من الأسلحة الاستراتييجية". وربما يعتقد بوتن، بحسب التحليلات الأميركية، أن الإعلان عن مثل هذه الأسلحة يؤكد لواشنطن قوة موسكو، أو أنه يردع تهديدا أميركيا مفترضا.
لكن الشيء الوحيد الذي من الأكيد أنه لم يقصده بوتن، فهو زيادة فرص اندلاع حرب نووية مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، يسخر خبراء أميركيون من هذه الصواريخ التي تعمل بالطاقة النووية، إذ إن فكرتها جرى استبعادها من طرف الأميركيين والسوفييت في خمسينيات القرن الماضي. ويقولون إن الأمر الأكثر خطورة في هذه الأسلحة ما يسمى بـ"التشابك النووي"، عندما تذوب الحدود الفاصلة بين الأسلحة النووية وغير النووية، خاصة مع وجود هذين النوعين من الأسلحة في مكان واحد.
ويرون أن وجود الأسلحة النووية وغير النووية في المكان ذاته خطر شديد، إذ من الممكن حدوث خطأ مثل استعمال أسلحة الدمار الشامل عوضا عن الأسلحة التقليدية، وبدلا من تدمير تمركز القوات المعادية يتم تدمير دولة بأكملها. وتتعاظم هذه المشكلة مع بروز الأسلحة النووية الجديدة والسريعة التي يصعب اعتراضها، إذ إنها تثير مخاطر هجوم نووي مفاجئ.
ويقول خبير الحد من التسلح جيمس أكتون، إن هذه الأسلحة التقليدية الجديدة تزيد في الواقع من فرص الحرب النووية.
وكتب أكتون، إلى جانب خبراء روس وصينيين، تقريرا أواخر العام الماضي حول "التشابك النووي"، وقالوا إن السؤال الوجيه هو: هل هناك دولة ستخاطر بحرب نووية من أجل محاربة أسلحة الخصم الاستراتيجية؟ وكم عدد القادة الذين يريدون أن يكونوا أول من يستخدم الأسلحة النووية ردا على هجوم تقليدي؟ وأضاف أكتون وزملاؤه أن "هناك تذمرا من مسودة السياسة النووية لإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي أشارت إلى أن الولايات المتحدة قد ترد بأسلحة نووية على هجوم إلكتروني أو هجوم على أقمار اصطناعية أميركية".
ومن المؤكد، بحسب "ناشونال إنترست"، أن روسيا قلقة من هذا الأمر، الأمر الذي قد يفسر جزئيا تفاخر بوتن بتطوير أسلحة استراتيجية. ووفقا لتقرير معهد كارنيجي، فإن "القلق الدائم لدى القيادة الروسية يتمثل في التهديد بشن ضربة ضخمة لنزع السلاح باستخدام أسلحة غير نووية عالية الدقة".
وتوجد الأسلحة النووية الروسية في غواصات وقاذفات، في نفس القواعد التي فيها أسلحة تقليدية، مما يثير القلق في حال وقعت ضربات أميركية غير نووية، إذ إنها قد تدمر الأولى لا الثانية من دون قصد.
وركز تقرير المعهد على كيفية تعامل روسيا والصين المختلف عن الولايات التمحدة بشأن الحرب النووية، إذ يضع الفريق الأول الأسلحة النووية مع التقليدية، بخلاف الولايات المتحدة التي تفصل بينهما.
وينظر إلى الأمر في واشنطن على أنه معضلة، فاستهداف القوات النظامية الروسية قد يؤدي إلى حرب نووية شاملة.