من بوابة واشنطن.. الإخوان يراهنون على الخارج للبقاء في ليبيا

ذانيوز أونلاين// بالتزامن مع التصريحات الأميركية بأنه لا بديل عن الحل السياسي لأزمة ليبيا، وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها ديسمبر المقبل، يوجه خبراء ومحللون ليبيون انتقادات لواشنطن بأنها من خلف الستار تدعم بقاء تنظيم الإخوان الإرهابي في المشهد السياسي.

ويردون دعم الولايات المتحدة للإخوان لأنها تعتبرهم الأقدر على خدمة مشروعها للسيطرة في المنطقة.

ويأتي ذلك في وقت حديث الإخوان في الفترة الأخيرة بأن التنظيم يؤيد خريطة الطريق وإجراء الانتخابات في موعدها؛ لإزالة الحرج عن نفسه، حتى لا يُعد ضمن المعرقلين الذين هدد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيتش، بمحاسبتهم إن عطلوا الانتخابات.

ففي بيان أصدره حزب العدالة والبناء الإخواني في ليبيا عقب إعلان بعثة الأمم المتحدة فشل الحوار السياسي في جلساته المنعقدة في جنيف الأسبوع الماضي حول القاعدة الدستورية المطلوبة لإجراء الانتخابات، ونشره على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، قال الحزب: "نؤكد تمسكنا بخريطة الطريق التي وضع أسسها مؤتمر برلين وحدد مراحلها ملتقى الحوار السياسي، وبضرورة عقد الانتخابات في موعدها المقرر"، مطالبا بعقد جلسة حوار جديدة.

غير أنه في الوقت نفسه، واصل تنظيم الإخوان عملية تعطيل الانتخابات عبر عراقيل جديدة، منها مقترح إنشاء غرفة ثانية للبرلمان الليبي، وهي "مجلس الشيوخ"، إضافة إلى مطلبه القديم بالاستفتاء على الدستور أولا.

وكشف تسريب صوتي للقيادي الإخواني، عضو ملتقى الحوار الليبي، معاذ المنفوخ، مخطط الإخوان لتعطيل الانتخابات المنتظرة، عبر "ثغرة" بند التصويت على الدستور أولا، كمبرر لرفض إقرار القاعدة الدستورية المتممة للانتخابات".

كما كشفت تقارير عن تقدم حولي 20 عضوا بملتقى الحوار الليبي في جنيف، مقربون من الإخوان والميليشيات، بمقترح يطالب بتمديد فترة حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها الآن عبد الحميد الدبيبة، وتأجيل انتخابات 24 ديسمبر حتى الانتهاء من الاستفتاء على الدستور.

ويرى مراقبون أن واشنطن تقدم دعما للإخوان ليستمر نفوذهم داخل طرابلس ضمن مشروع واشنطن القديم المتجدد لدعم الإسلام السياسي في المنطقة كأحد أدواتها في السيطرة والنفوذ، لقدرة الإخوان على نشر الفوضى والانقسام في أي بلد، وإفقارها، وإجبارها على قبول التدخل الأميركي سياسيا كان أو عسكريا في شؤونها لتتخلص من هذه الفوضى.

ويستدلون على هذا بما كشفه قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الجمعة الماضية، من تفاصيل مثيرة للمرة الأولى بشأن معركة الجيش للاسترداد العاصمة طرابلس من الميليشيات الإخوانية وحكومة فايز السراج التابعة لها.

فقال حفتر لصحيفة "أخبار الحدث" الليبية إن القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا المسماة بـ"الأفريكوم" دعمت ميليشيات طرابلس في معارك ضد الجيش الوطني وقتها.

وتابع: "قوات الأفريكوم هي التي استهدفت قواتنا في قاعدة الوطية الجوية وفي عدد من محاور طرابلس".

وعن السبب وراء ذلك، قال حفتر إن "الأميركان طلبوا من القيادة العامة للقوات المسلحة فك الارتباط مع الحليف الروسي، وعندما طلبنا منهم البديل تنصلوا وأطلقوا العنان لتركيا والأفريكوم، وتقنيات الناتو في استهداف قواتنا".

وفي يونيو 2020، دعا وفد من قيادة القوات الأميركية في إفريقيا، إلى ضرورة وقف استراتيجي لإطلاق النار في ليبيا؛ ما اعتبره البعض وسيلة أمريكية لتخفيف الضغط عن الميليشيات الإخوانية.

والتدخل الأميركي لدعم حكومة الوفاق وقع قبل هذا بشهور، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، مع انطلاق المعارك أبريل 2019، خلال مؤتمر صحفي أن قوات الجيش الوطني الليبي قرب طرابلس تفاجئت بوجود قوات أميركية على الأرض: "تفاجئنا بوجود 300 جندي أميركي بكامل سلاحهم وعتادهم المتطور".

ويقول رئيس الحزب المدني الديمقراطي، محمد سعد إمبارك، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تنظيم الإخوان في العاصمة يهمين على مفاصل السلطة وثروات البلاد، ويحتمي أتباعه بالميليشيات التي يضفون عليها الشرعية ويمولونها من الخزينة العامة؛ ولذا ليس من مصلحتهم أن تجري الانتخابات كي لا يفقدون كل هذه الإمكانيات.

أما الصحفي المتخصص في الشأن الليبي والعلاقات الدولية، محمد عبد الحق، فينبه في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن هناك العديد من الدلائل والمؤشرات على مخطط إخواني بدعم أميركي لإجهاض عملية الحل السياسي وإبقاء الوضع على ما هو عليه؛ لأن أي حل يهدد مصالح القوى الخارجية في ليبيا.

ويلفت عبد الحق إلى ضرورة متابعة الدبلوماسية الأميركي الحالية وما يصاحبها من اقتراحات إخوانية في ليبيا.

وقال: "فلنبدأ من تصريحات ريتشارد نورلاند (سفير واشنطن ومبعوثها الخاص إلى ليبيا) بضرورة عقد الانتخابات في توقيتها ٢٤ ديسمبر، ومن جهة أخرى نرى مطالب بضرورة فرض مجلس شيوخ إلى جانب مجلس النواب، ثم ننتقل إلى استقالات الأخوان من الصوان إلى السابق المشري كخطوة لتأهيل أنفسهم للانتخابات الرئاسية والبرلمانية" .

كذلك وضع الصحفي الليبي إلى جانب ما سبق ما كشفه حفتر عن قصف قوات "الأفريكوم" لقوت الجيش الليبي في معركة طرابلس، وطلبهم من حفتر بالانسحاب وفك الارتباط مع روسيا، معتبرا أن "كل هذا يوضح لنا حجم الاستثمار اللوجستي والعسكري الأميركي في المنطقة".

واعتبر عبد الحق أن الموقف الأميركي بالنسبة لإخوان ليبيا يبنى على المصالح، قائلا إن السياسة الأميركية تقوم على دعم أي تيار سياسي خارج أراضيها مقابل تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، مؤكدا أن "أردوغان (الرئيس التركي) ذراع أميركية مأجور داخل ليبيا، ولولا ذلك لكان قرار طرده مع مرتزقته قد وقع منذ استلام جون بايدن (الرئيس الأميركي) لملف الشرق الأوسط".

ونشرت تقارير إعلامية ليبية في أبريل الماضي، أن تنظيم الإخوان يسعى لاستغلال وجود أتباع له في السلطة لاستغلالها في تلميع صورته في واشنطن، مقابل تشويه صورة المشير خليفة حفتر واتهامه بـ"الديكتاتورية وعسكرة الدولة" لتبرير عدم تسليمه طرابلس أو توحيد المؤسسات الليبية.

فأشارت التقارير إلى أن محمد على عبد الله الضراط، رئيس لجنة إدارة المصرف الليبي الخارجي، المعين من الصديق الكبير، رئيس المصرف المركزي والتابع للإخوان، وقع عقدًا مع شركة ميركوري للعلاقات العامة بقيمة 2 مليون دولار أمريكي لتجنيد أطراف أميركية لخدمة وتلميع شخصيات بعينها داخل السلطة.