ذانيوز اونلاين// يواجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، أزمات داخلية من شأنها أن تهدد حكمه بعد أشهر قليلة. وأول هذه الأزمات تتمثل بارتفاع أسعار النفط، في أعقاب الحرب في أوكرانيا. ولذلك، يولي بايدن وإدارته أهمية لتجاوب ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، مع سعيه لزيادة ضخ النفط. ومن شأن التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، أن يسهم أيضا في خفض أسعار النفط، لكن القرار بهذا الخصوص بأيدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، وفقا لمحللين إسرائيليين في الصحف المركزية الصادرة اليوم، الخميس.
مصير بايدن السياسي بأيدي خامنئي وبن سلمان
- التفاصيل
- By ذانيوز اونلاين
وأشار المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، إلى التضخم المالي في الولايات المتحدة والتوقعات الاقتصادية السوداوية، وانخفاض قيمة الأسهم في البورصة، وهروب الناخبين، خاصة الناخبين من الطبقة المتوسطة الدنيا، الذين يشكلون الجمهور التقليدي للحزب الديمقراطي.
وإلى جانب التضخم، يواجه بايدن ضعف القانون والنظام العام الداخلي، الهجرة غير القانونية من المكسيك، الحرب في أوكرانيا والصراع الاقتصادي مع الصين. واعتبر برنياع أن هذه الأزمات لا تعني أن بايدن "غير مكترث حيال مخاوف إسرائيل ودول النفط من إيران. لكن إيران هي سحابة سوداء واحدة وحسب في ما يبدو حاليا أنها عاصفة مثالية. والخلاص لن يأتي من إيران".
ورأى برنياع أن بايدن يطرح على أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، وفي مقدمتهم إسرائيل، إستراتيجية أميركية مغايرة. وبموجبها فإنه "ليس قائدا، وإنما مساعد؛ ليس وسيطا، وإنما وسيط زواج؛ ليس عريسا، وإنما وصيف. وإذا أرادت إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر والأردن والبحرين التعاون من أجل لجم إيران، فستمنح أميركا رعاية لهذا المشروع".
وبحسبه، فإن التقارب بين إسرائيل ودول النفط جاء في أعقاب ضعف أميركي، "لكن ثمة بشرى داخل هذا الواقع الصعب. فالفراغ الحاصل يطالب بتعبئته. هكذا وُلدت اتفاقيات أبراهام وهكذا وُلد احتمال التعاون العسكري بين إسرائيل والسعودية. وعندما يصل بايدن إلى الرياض سيبذل كل ما بوسعه من أجل دفع هذا الاحتمال قدما".
ورأى برنياع أن الهدف الأول والأهم في زيارة بايدن للسعودية هو زيادة إنتاج النفط. "فمن دون انخفاض ملموس في أسعار النفط خلال الخريف المقبل، ستنتهي الانتخابات النصفية في أميركا بهزيمة للديمقراطيين على ما يبدو، الأمر الذي سيجعل النصف الثاني من ولاية بايدن عديم الأهمية. وبالرغم من التدير للبيد (رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد)، إلا أن مصير بايدن السياسي متعلق بمحمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية".
الاتفاق النووي
اعتبر رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بِن، أن إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن زيارته لطهران، الأسبوع المقبل، تزيد من أهمية جولة بايدن في المنطقة، وأظهرت أنها تنطوي على "مضمون إستراتيجي بالغ الأهمية".
وأضاف أن "الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران في صلب زيارتيْ بايدن وبوتين المتقاطعتين. وبايدن يريد إعادة الولايات المتحدة إلى الصفقة التي انسحب منها سلفه، دونالد ترامب. ورفع العقوبات عن إيران هي الطريق الأقصر والأكثر فاعلية من أجل لجم ارتفاع أسعار النفط، وفي الوقت نفسه سيضعف روسيا، بسبب تعلق اقتصادها بالسائل الأسود والغاز الطبيعي الذي تصدره".
وبحسب بِن، فإن "الحساب بسيط: نفط مرتفع الثمن سيسمح لبوتين بمواصلة حرب الاستنزاف في أوكرانيا، التي تجذب إليها انتباه وموارد الولايات المتحدة وحليفاتها في أوروبا. ونفط رخيص سيقلص طول نفس روسيا ويؤدي إلى تقصير الحرب، أو لجمها بشكل يكون محتمل في الغرب على الأقل".
وتعتبر إسرائيل والسعودية أن التقارب الذي رصدته بين الولايات المتحدة وإيران، يشكّل تهديدًا محتملًا لمكانتهما الإقليمية، إلى جانب أنهما غير ضالعتين في الحرب في أوكرانيا ولم تنضما إلى الدعم الأميركي والغربي لأوكرانيا.
ووفقا لبِن، فإن بايدن سيحاول إقناع لبيد وبن سلمان بوجوب التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران. "والمقابل الذي يقترحه بايدن على إسرائيل مزدوج: سحب أيدي أميركا من الموضوع الفلسطيني، الذي يهم الإسرائيليين أكثر بكثير من إيران، حتى لو صرحوا عكس ذلك مئة مرة؛ وتعميق الترتيبات الأمنية الإقليمية، وفي مقدمتها ضم إسرائيل إلى قيادة الوسطى للجيش الأميركي إلى جانب دول الخليج والأردن ومصر".
وأضاف أن "الكشف الجزئي عن العلاقات الأمنية بين السعودية وإسرائيل، بعد سنين من الإخفاء والرقابة العسكرية المشددة، غايته إظهار وجود أن ثمة من يمكن التحدث معه والاعتماد عليه، وأن اتفاقا مع إيران ليس نهاية العالم أو نهاية الصهيونية أو ثغرة لمحرقة ثانية".
وتابع بِن أن "السعوديين سيحصلون من بايدن على صفح معلن عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي بسببه قاطعت الإدارة الأميركية الحالية بن سلمان. فأسعار النفط أهم بكثير بالنسبة لأميركا من حقوق الإنسان في بلدان بعيدة، وسيضطر بايدن إلى الركوع – استعارة – أمام ولي العهد. والثمن بتضرر صورة بايدن سيكون مجديا له، إذا حصل في المقابل على تسهيل ضائقة الطاقة ويزيل عقبة أخرى في الطريق لاتفاق مع إيران".
ورأى بِن أن خامنئي هو الذي سيقرر إذا كانت جولة بايدن ستنتهي بنجاح أو بفشل. "فبيد خامنئي القلم الذي سيوقع على اتفاق نووي ورفع العقوبات عن بلاده. وإذا وقّع وأومأ بتقارب نحو الغرب، فإن منظومة القوات الإقليمية ستتغير وستستفيد إيران من ازدهار اقتصادي وشرعية دولية تفتقدها حاليا. وإذا امتنع وتحصن في مواقفه، سيتصاعد التوتر وترتفع أسعار النفط بشكل كبير، وتُحصن إيران مكانتها في الكتلة المناهضة لأميركا إلى جانب السين وروسيا".
آخر الرؤساء الديمقراطيين الصهاينة
في ظل التغيرات السياسية والديمغرافية الحاصلة والتي ما زالت جارية في الولايات المتحدة، لفت المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بِن كسبيت، إلى أن "بايدن هو آخر الرؤساء الديمقراطيين الداعمين لإسرائيل. وهذا جيل آخذ بالاختفاء، من الناحيتين الزمنية والفكرية".
وأضاف أن "الديمقراطيين يبتعدون عن إسرائيل، وإسرائيل تبتعد عن الديمقراطيين، وأصبحت محافظة ويمينية ومتدينة أكثر. ومحبة بايدن لإسرائيل صادقة. والسؤال هو ماذا سيحدث بعده. هل سيصمد الحلف الإستراتيجي الذي يستند إليه الأمن القومي الإسرائيلي . ألا نلعب بنار يمكن أن تكوي أطراف عباءة الجيل القادم؟".
وتابع كسبيت أن "قدرات الدفاعية الإسرائيلية اكتسبت سمعة عالمية، لكن يحظر نسيان التمويل الأميركي. والأمر الحقيقي هو القدرات الهجومية. فما الذي سينجح لبيد بالحصول عليه من ضيفه في هذا المجال. هل سينجح بإقناع بايدن بوضع خطة عسكرية ضد إيران من أجل لجم النووي الإيراني في حال اتضح أن إيران تقترب من أن تكون ’دولة عتبة’؟".
وشدد كسبيت على أن "القادة الديمقراطيين الأميركيين لا يتماهون مع توجه إسرائيل نحو اليمين. وما زالوا يؤيدون، مثل معظم العالم، حل الدولتين. وما زالوا يعتقدون أن المستوطنات عقبة أمام السلام... في الماضي كانت إسرائيل تعترف بالجميل. لا ينبغي الاستسلام، ولا ينبغي الموافقة (على السياسة الأميركية)، وعلى إسرائيل الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية. والحديث يدور عن اعتراف بالجميل، لأنه ليس لدينا أميركا أخرى".