وتقول صحيفة "صباح" إن خاشقجي شغل خاصية التسجيل في ساعته، قبل دخوله القنصلية.
وتضيف أن ملابسات "الاستجواب والتعذيب والقتل" سُجّلت، ثم أُرسلت إلى هاتفه الذكي من طراز أيفون، الذي كان برفقة خطيبته خارج القنصلية، وكذلك إلى خدمة "أي كلاود" السحابية، التابعة لشركة أبل.
ويقول تقرير الصحيفة إن مهاجمي خاشقجي لاحظوا الساعة، وحاولوا الدخول إلى أنظمتها عبر تخمين رمز المرور، قبل استخدام بصمة أصبعه لفتحها. ثم قام هؤلاء بمحو بعض، وليس كل، الملفات المسجلة عليها.
أولا، دعونا نستبعد النقطة الأخيرة. ساعة أبل لا تستخدم خاصية التحقق من الهوية عبر اللمس، ومن ثم فإن الدخول إلى ملفاتها عبر بصمة الأصبع سيكون مستحيلا، إلا إذا فتحها المهاجمون عبر هاتف أيفون المتزاوج معها، لكن هذا الهاتف كان بالخارج.
هذا جعلني أشك في بقية التقرير، لكن دعنا ننظر في "خاصية التسجيل" في الساعة. هذه الخاصية ليست متاحة ضمن الخصائص التي تباع بها الساعة، ولكن يمكن تسجيل الصوت عبر عدد من تطبيقات الطرف الثالث.
من المتصور أن يكون الصحفي المفقود قد ثبت أحد تلك التطبيقات على الساعة، وبدأ في التسجيل قبل دخوله القنصلية.
لكن من أجل تحميل تلك التسجيلات إلى هاتفه، فربما يكون عليه أن يضغط على زر إيقاف التسجيل، وذلك دون أن يلاحظ مهاجموه ذلك.
وستحتاج ساعته حتما إلى الارتباط عبر تقنية البلوتوث مع هاتفه الموجود برفقة خطيبته.
وتقنية البلوتوث حاليا تعمل في نطاق محدود للغاية، ويبدو من غير المرجح بالمرة أن الإشارة ستمتد عبر العديد من جدران مبنى القنصلية في إسطنبول، إلا إذا كانت خطيبة خاشقجي تقف مباشرة خارج الغرفة التي يجري فيها التحقيق معه.
لكن بعض المدافعين عن هذه الفرضية يقولون إن خاشقجي كان معه ساعة من طراز "أبل ووتش 3"، التي تتميز بارتباطها الخلوي الخاص، الذي يسمح لها بالاتصال مباشرة بخدمة "أي كلاود".
وصحيح أن صورة لخاشقجي، أثناء المشاركة في برنامج تلفزيوني، أظهرت بحوزته ساعة من طراز "أبل ووتش 3"، المميزة بزر الضبط الأحمر. وربما اشترى عقدا لخط اتصال خلوي للساعة في الولايات المتحدة حيث يقيم.
لكن هنا تكمن المشكلة، لأن خاصية التجوال ليست متاحة بساعة أبل هذه، حيث أنه بمجرد الوصول إلى تركيا، ستعتمد الساعة على هاتف أيفون، من أجل الاتصال بالإنترنت. وكان باستطاعة خاشقجي أن يستبدل الشريحة الأمريكية بأخرى محلية، لكن منذ نحو عام رد منتدى "أبل سابورت" على الإنترنت على سؤال عن استخدام تلك الساعة في تركيا كجهاز مستقل، بالقول: "ليس هناك حاليا مزودو خدمة في تركيا".
ولا يبدو أن هذا الموقف قد تغير، وبصيغة أخرى لا يمكن استخدام ساعة أبل ووتش للاتصال بالإنترنت في إسطنبول، ما لم تزاوج بينها وبين هاتف أيفون قريب منها في المكان.
والآن، ما لا نعرفه هو ما إذا كانت الجهات الأمنية التركية قد تمكنت من اختراق ساعة أبل ووتش، وحولتها إلى جهاز تسجيل عن بعد، ثم أعطوها لجمال خاشقجي قبل دخوله القنصلية من عدمه.
لكن ما يبدو أكثر ترجيحا أنه لديهم وسائل أخرى لاكتشاف ما يفعله الدبلوماسيون الأجانب، وأن قصة ساعة أبل ووتش توفر غطاء مفيدا.