بعد إعلان مقتل "بريغوجين".. ما مصير 50 ألفًا من مرتزقة "فاغنر"؟

بالإعلان عن مقتل زعيم مليشيا "فاغنر" يفغيني بريغوجين، في سقوط غامض لطائرة كان يستقلها مع آخرين، يواجه الكرملين مسألة خلافته على رأس 50 ألفًا من مليشيا "فاغنر" التي تنتشر في سوريا وليبيا وأوكرانيا وأجزاء واسعة من القارة الإفريقية.

فرصة أم مشكلة؟

لم تمثل وفاة بريغوجين مفاجأة لكثير من المهتمين، ومن بينهم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ونقلت شبكة "CNN" عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسن: "لا ينبغي أن يفاجأ أحد" إذا وردت أنباء عن وجود بريغوجين على متن الطائرة التي تحطمت الأربعاء خلال رحلة بين موسكو وبطرسبورغ.

ونقل موقع "الحرة" عن محللين: أن موسكو تمتلك على الأرجح "خطة" لاستبدال بريغوجين بشخص أقل إثارة للمشاكل وأكثر ولاءً للكرملين.

ويقول زميل معهد هدسون الأمريكي، المحلل ريتشارد وايتز: إن موسكو ستعيّن على الأغلب شخصًا من الدائرة الداخلية لبوتين لقيادة المليشيا.

ويضيف وايتز لموقع "الحرة" أن السرية التي تحيط بالمجموعة ستجعل من الصعب التكهن بخليفة بريغوجين، لكنه سيكون بشكل "مؤكد" تابعًا لموسكو.

بريغوجين لم يكن القائد الوحيد على الطائرة

ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن بريغوجين، لم يكن الوحيد من قيادات "فاغنر" الذي لقي حتفه في الحادث، بل كان معه على متن الطائرة ديمتري أوتكين، أحد أقرب حلفائه، وهو شخصية رئيسية أخرى في "فاغنر".

وكان أوتكين ضابطًا سابقًا في الأمن الروسي ومرتزقًا نشطًا في سوريا لحراسة حقول النفط، وقد تورط في تنظيم قافلة "فاغنر" التي حاولت الذهاب إلى موسكو.

وتشير تقارير من قنوات التواصل الاجتماعي الروسية المرتبطة بـ"فاغنر" إلى أن أعضاء آخرين في قيادة المليشيا ربما كانوا أيضًا على متن الطائرة.

خبير يتوقع صراعات بين قادة فاغنر

ويشير وايتز إلى أن للمجموعة نظامًا داخليًا يشير إلى أن على قادتها الاجتماع واختيار رئيس، في حال شغر المنصب أو أصبح شاغله فاقدًا للأهلية.

مع هذا، لن تجري العملية بسلاسة، كما يعتقد وايتز، حيث إن من المتوقع أن تثير الرغبة بتسنّم هذا الموقع "القوي" صراعات بين قادة المليشيا، قد تكون "دموية".

لكن وايتز لم يرجح احتمال أن تقوم المليشيا بأي تحرك ضد موسكو قائلًا: "مرة واحدة تكفي، نجت فاغنر بالكاد من تمرد بريغوجين، ولن يعيدوا الكرّة".

وفي أعقاب "مسيرة يفغيني بريغوجين إلى موسكو" قبل شهرين، توقّع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سوف "يأخذ وقته في الانتقام".

لكن عكس توقعات كثيرين، لم تمتد يد الانتقام -حتى الآن- إلى عناصر المجموعة.

لماذا التحق بريغوجين بعملية في إفريقيا

ومع تقليص الدور البارز الذي لعبته "فاغنر" في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بالفعل في أعقاب العصيان الذي أحرج بوتين والكرملين، بدا الأمر -لفترة قصيرة- كأن بريغوجين يحاول استعادة بعض النفوذ الذي اكتسبه من خلال التحاقه بعملية في إفريقيا بناءً على طلب الكرملين.

وكان بريغوجين قد أصدر بيانًا يدعم الانقلاب في النيجر، اعتبره بعض المحللين تذكيرًا بالكيفية التي خدمت بها "فاغنر" ذات مرة غايات الكرملين.

وهذا الأسبوع نشر بريغوجين شريط فيديو من مكان ما في إفريقيا فسّره بعض المحللين بأن زعيم المليشيا قد وجد دورًا جديدًا، وأن أفعاله قد غُفِرَت.

ونقلت "الجارديان" عن بعض محلليها قولهم إنه بدون بريغوجين، فإن فاغنر "لا شيء".

موسكو لن تدمر "فاغنر"

لكن زميلة معهد واشنطن والخبيرة بالشأن الروسي آنا بيروفيسكايا، تقول إن "موسكو استثمرت كثيرًا في هذه المجموعة، ولن تدمرها".

وتضيف بيروفيسكايا لموقع "الحرة" إن "مقتل بريغوجين عزز قوة بوتين، لكنه وضعه أمام مشكلة اختيار قائد".

وتعتقد أن المجموعة، التي تضرر نفوذها بشدة بعد محاولة العصيان، تعرضت لضربة أخرى بوفاة زعيمها، الذي منحها الكثير من القوة وجعلها مساوية في النفوذ للقوات المسلحة، إن لم تكن أكثر نفوذًا.

"فاغنر" أصبحت أضعف

وأدى هذا، كما تقول الباحثة، إلى أن "المجموعة أصبحت أضعف بكثير من ذي قبل، ومن المتوقع أن تشهد انقسامات بين أعضائها"، ورجّحت أن تحتاج المليشيا إلى فترة طويلة "قبل أن تعود إلى سابق عهدها".

ووفقًا للتقارير الأخيرة، بدأ مئات من مقاتلي "فاغنر"، الذين تم نفيهم إلى قواعد في بيلاروسيا، في مغادرة البلاد، بعضهم لأنه غير راض عن انخفاض مستويات الأجور وفقًا لـ"الجارديان"، والبعض الآخر انتقل للعمل في غرب إفريقيا.

وانخفضت أعداد القوة هناك بنحو الربع.

وفي روسيا ذاتها، كانت عمليات "فاغنر" في حالة توقّف خلال الشهرين الماضيين.