هيلاري كلينتون
رغم أنها ألفت أكثر من كتاب إلا أن مذكراتها التي تحدثت خلالها عن فضيحة مونيكا لوينسكي وأسرار البيت الأبيض خلال حكم زوجها ستظل الأبرز بين كتبها، حيث تحدثت كلينتون خلالها عن مشاعرها كزوجة وسيدة أولى خلال هذه الفترة التي شهدت أيضا العديد من التطورات والأحداث السياسية من بينها ما يتعلق بالشرق الأوسط.
وشهدت مذكرات كلينتون التي حملت اسم "التاريخ الحي"، ما يشبه الحظر العسكري، حيث جرى بيعها في مكتبة واحدة فقط بأمريكا، ومع ذلك تم نشر مقطتفات كبيرة منها في الصحف الأمريكية الأمر الذي أدى لرواجها.
و سردت كلينتون في الكتاب الذي حمل مذكراتها بعض تجاربها العاطفية وكأنها تراقب الموقف عن بعد، وتبدو من خلال ما كتبته قادرة على الفصل بين بيل كلينتون الزوج وبيل كلينتون الرئيس، فهي تتنقل في تناولها ما بين الشخصي والسياسي.
ولعل السبب الذي جعل هناك حظر على هذا الكتاب هو إمعانها في سرد قصة مونيكا لوينسكي مع زوجها، حيث قالت إن زوجها اعترف لها قبل يوم واحد من الكشف عن الفضيحة على صفحات الجرائد، بأنه كان على علاقة بأخرى وأنه أراد أن تعرف هذا الأمر منه شخصيا قبل أن تقرأه في الجرائد أو تشاهده في الأخبار.
وقالت "أدركت انه يجب علي وبيل ان نبلغ ابنتنا تشيلسي بما حدث، وعندما قلت له إنه يتعين عليه إبلاغ تشيلسي، اغرورقت عيناه بالدموع".
وكتبت أيضا أن زوجها قد خان الثقة التي بني أساسا عليها زواجهما، كما اعترفت بأن كليهما أدرك أن ما حدث ربما يكون خرقا لميثاق زواجهما لا يمكن إصلاحه.
كما اعترفت هيلاري أيضا في مذكراتها بانها استعانت بصديق بغرض الاستشارة والنصح ولمساعدتها في تجاوز تلك الايام المظلمة التي وصفتها بانها أكثر تجربة مدمرة ومروعة وجارحة في حياتها.
وفيما يتعلق باعتراف زوجها بصورة رسمية على شاشات التلفزيون، كتبت هيلاري ان ما يزيد على 6 من مستشاري زوجها، بمن فيهم بول بيجالا وجيمس كارفيل وهاري وليندا توماس، التقوه للتباحث معه حول مسألة الاعتراف بخطأ ما ارتكبه.
وقالت هيلاري انها فضلت في البداية ان تبقى بعيدة عن هذا الامر لأنها لم تكن ترغب في مساعدته في صياغة بيان عام حول مسألة تعد انتهاكا لمشاعرها المتعقلة بالحشمة واللياقة والخصوصية، لكنها في نهاية الامر وبدافع العادة او الفضول وربما الحب، توجهت الى الطابق العلوي.
ومع ذلك ورغم أنها سردت الكثير عن قصة مونيكا لوينسكي، إلا أن كلينتون لم تحسم الأمر ولم تشبع رغبة القارئ الذي كان ينتظر منها الكثير، لاسيما فيما يتعلق بمواقفها الخاصة ببيل.
وتحدثت كلينتون أيضا خلال هذه المذكرات عن علاقاتها وتعاطفها مع اليهود، حيث أشارت إلى أنها قضت احتفالات الرابع من يوليو الذي يمثل عيد الاستقلال الامريكي سنة 1996 في شرق أوروبا، وزارت بولندا، وهناك زارت بقايا معسكرات اليهود النازية.
وتذكرت أن عمرها كان عشر سنوات، عندما حكى لها والدها عن جرائم النازية ضد اليهود، وكيف كانوا يستعملونهم كعبيد، ويضعونهم في عنابر الغاز.
وأضافت: " ذلك الوقت كنت اعرف ان ماكس روزنبيرج، زوج جدتي من ناحية والدتي، كان يهوديا وذعرت لمجرد التفكير في انه كان سيعامل بنفس الطريقة إذا كان في المانيا وبولندا وقت النازية".
كما ذكرت أنها ذهبت حينها من بولندا الى جمهورية التشيك، حيث كانت في انتظارها مادلين اولبرايت، سفيرة أمريكا حينها في الامم المتحدة، ووزيرة الخارجية بعد ذلك
وتقول هيلاري: " وهناك تحدثت معي عن يهوديتها، وأنها لم تكن تعرف انها يهودية، حتى ذهب صحفي امريكي الى تشيكوسلوفاكيا، وكشف وثائق قديمة اثبتت انها يهودية، حيث ادعت اولبريت حينها أنها لم تكن على علم بأنها يهودية، وتشير كلينتون انها صدقت ادعاءاتها في هذا الشأن".
أيضا تحدثت عن شخصيات بارزة في الشرق الأوسط بينها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، موضحة أنه يوم الحادي عشر من سبتمبر 1993 شهدت المقابلة التاريخية في حديقة البيت الابيض بين اسحق رابين، رئيس وزراء اسرائيل، وياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني
وقالت إن بيل هو الذي اقنع رابين ليصافح عرفات، ورابين وافق على شرط الا يقبله عرفات، كما يفعل العرب، وقضينا دقائق مضحكة، قبل الخروج الى حديقة البيت الابيض، ونحن نشاهد بيل ورابين يمثلان طريقة المصافحة، حيث كان الرئيس الأمريكي يمثل دور عرفات، واتفق مع رابين على حركات معينة تمنع عرفات من الاقتراب منه، وتقبيله.
ويوم الحادي عشر من يوليو سنة 2000 ذهب بيل إلى كامب ديفيد ليبدأ مفاوضات صعبة استمرت اسبوعين بين ايهود باراك، رئيس وزراء اسرائيل، وياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني.
وزعمت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها باراك جاء ليوقع على اتفاقية سلام، عكس عرفات، الذي ما كان مستعدا لتقديم التضحيات القاسية، التي كان لا بد منها، للتوقيع على اتفاقية السلام، وفقا لرأيها.
وسجلت كلينتون خلال هذه المذكرات أول ظهور لمساعدتها المسلمة الشهيرة هوما عابدين، وقالت: " حسب اقتراح بيل، ذهبت مع تشيلسي إلى كامب ديفيد لنعمل على خلق جو ودي ربما يساعد على نجاح المفاوضات.
وفي احدى الليالي اتصل بي باراك، وسألني عن أي اقتراح يساعده على اقناع عرفات ليتفاوض بنية حسنة. وكانت معنا هوما عابدين، واحدة من مساعداتي، وامريكية مسلمة، تربت في السعودية، وتتكلم اللغة العربية وساعدت في تلطيف الجو بين الاسرائيليين والفلسطينيين، بالاشتراك في لعبة البلياردو وفي لعبة التهديف".
وحملت كلينتون مسئولية فشل هذه المفاوضات لياسر عرفات حيث قالت: " بيل فشل في حل المشكلة، رغم الحل الوسط الذي قدمه في آخر لحظة، والذي قبله باراك ورفضه عرفات. رفض عرفات كان من اسباب التطورات المؤسفة خلال السنوات القليلة الماضية".
وذكرت أيضا سهى عرفات في مذكراتها حيث قالت: " في ربيع سنة 1999 ذهبت إلى الشرق الاوسط، وحضرت حفلا مع سهى عرفات، زوجة ياسر عرفات هي تكلمت في البداية باللغة العربية، وكانت هناك ترجمة الى اللغة الانجليزية، لكني لم اسمع اتهامها الفظيع لإسرائيل بأنها تستعمل الغازات السامة ضد الفلسطينيين" .
وعندما جاء دوري لأتكلم، قبلتني حسب العادات عندهم، ولو كنت سمعت اتهامها الفظيع، لكنت رددت عليها، في إشارة منها لانحيازها الواضح لإسرائيل.
واشارت إلى غضب اليهود منها قائلة: " وغضب كثير من يهود نيويورك على ما قالت، ولم يفهموا لماذا لم أرد عليها لكن المشكلة لم تستمر طويلا، وأنا تعلمت منها درسا، وهو ان اكون حذرة من تعقيدات نيويورك السياسية."
أيضا ذكرت كلينتون زوجة الرئيس المصري الأسبق حسنى مبارك قائلة: " في خريف سنة 1996 ذهبت مع بيل الى الشرق الاوسط لحضور التوقيع على اتفاقية السلام بين اسرائيل والأردن، وزرنا مصر.. ويوم السادس والعشرين من أكتوبر، يوم عيد ميلادي، زرنا أهرامات الجيزة في الصباح الباكر، وأقامت سوزان مبارك حفل افطار، ومعه كعكة عيد الميلاد، وأكلنا ونحن نشاهد ابو الهول".
وأضافت أنه في نفس اليوم التقت بالملكة نور زوجة ملك الأردن الراحل" في نفس اليوم ذهبنا من مصر إلى الاردن، حيث استقبلنا الملك حسين والملكة نور، التي ولدت في أمريكا، وكان اسمها ليزا حلبي وكانت تشع بالفخر والحب في حضور زوجها واولادها، وكانت تضحك وتتصرف في يسر معه ومعهم."
وأضافت: " بعد التوقيع على الاتفاقية، وفي العقبة، فاجأتني الملكة نور بكعكة عيد ميلاد أخرى، وكانت الثانية في نفس اليوم. ولإضافة شيء من المرح، وضعت عليها شمعات من النوع الذي لا ينطفئ، حاولت أنا اطفاءها، وفشلت، وحاول الملك، وفشل، وقال: احيانا حتى اوامر الملك لا تطاع".