أثث الندوة الفكرية الدكتور المختص في علم الاجتماع عبد الستار السحباني الذي أكّد على تفشي العنف في المجتمع التونسي سواء المادي أو المعنوي منه وقال:" العنف لا يعني بالضرورة ممارسته بصفة مادية على شخص ما، بل يمثّل في عديد المظاهر المحيطة بنا، العنصرية عنف، التمييز عنف حتى الكلمة عنف. لا بدّ لثقافة حقوق الإنسان من أن تؤسّس نهضة مفهومية جديدة للمواطنة، تبدأ من الأكاديميات والتعليم، فهي التي تسمح بإعادة تأسيس مجمل العملية التربوية ضدّ أشكال الفكر المسبق كافة، وبتكريس الوحدة الثقافية بتعزيز التنوع والحرية القائم على مبدأ الحوار والقبول بالآخر، وبإعادة التأسيس للعملية الثقافية على أساس إعادة التجديد من الداخل والانفتاح على الخارج.
الفن كان على الدوام شهيد العنف الذي لا يلبث أن يحيا من جديد ليؤكد على أن الجمال هو نقيض القسوة، لذلك نؤكّد أن الفن هو من أفضل المحاربين للعنف، أحيوا الفن وتمثّلوه فهو الذي يحيي القلوب لأن القلوب إذا ما كلّت عميت.
" أما النصف الثاني من اليوم فقد تم تخصيصه في مرحلة أولى لرواية "جبل جلود" للروائي الدكتور توفيق العلوي التي قدّمها الإعلامي محمد بن رجب، هذه الرواية التي يقدّمها العلوي بعد روايته "تعويذة العيفة" ومجموعته القصصية "سعادة خاصة جدا" تأتي لتقدّم الحياة اليومية في حي جبل الجلود بأسلوب طريف كعادته.
يقول الروائي:" أنا اكتب بتلقائیة ودون الانتماء الى اية مدرسة استعمل الرمزية دون أن أبالغ أو اقطع خیط التواصل مع القارئ اما استعراض العضلات اللغوية فقد ذھب مع المقامات. وما انقله في الحقیقة ھي الواقعیة بصفة رمزية تصف مشاھد من الحیاة الیومیة في الحي الذي نشأت فيه. حاولت أن أكتب عن البيئة الشعبية في جبل جلود وما تأثرت بِه من كتب مثل البخلاء والأغاني وكتابات علي الدوعاجي ومحمود المسعدي والبشير خريف وتشيكوف وقي دي ميسون . هي حكاية غاسل الموتى أصيل جبل الجلود الذي يسعى لكسب قوت يومه وينتظر أن يسمع عويلا أو بكاء لتكون هي فرحته الكبرى، لكن يبيّن سخطه وعداوته للشيوخ الذين يحرّمون أن يغسل الرجل المرأة وبذلك يحرمه من العشرين دينارا قوت صغاره.
" كان الجمهور كذلك على موعد مع مجموعة من القراءات الشعرية لكلّ من الشعراء سنية المدوري، سمير العبدلي، ثريا رمضان، علي زمور وعلالة حواشي قبل أن يختتم اليوم مع عرض "دندري" لمحمد الخشناوي الذي وضع بصمة إيقاعية تونسية إفريقية، أضفى عليها بعد سنوات من البحث مزيجا من الروك والجاز والأنغام المبتكرة ليرسم معالم مدوّنة موسيقية عصرية تمتد في الماضي وتعانق الحاضر وتتطلّع إلى المستقبل دون المسّ من جمالية التراث الموسيقي التونسي معتمدا على آلات موسيقية معاصرة مثل « الباتري » و »البيانو » و »القيتارة » دون التخلي عن « الشقاشق » و »القمبري » و « البرهوم ». عرض قدم فيه الخشناوي عدة أغاني منها « نانا عيشة » و »بابا بحري » و »سيدي عبد القادر » وسط تفاعل كبير من الجمهور الذي رقص على إيقاعات السطمبالي التونسي لحوالي ساعة.