عريقات بين الحَطّه و القُلنسوه

كتب طاهر الشيخ:- وهي تودع فلسطين أحد فرسانها ومناضليها د.صائب عريقات رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عن عمر يناهز 65 عاما بسبب فيروس كورونا الملعون .

استذكِر، كنت قد سمعت عن هذا الشاب الثلاثيني القادم من فلسطين المحتلة عندما ارتبط اسمه مع المناضل الدكتور حيدر عبد الشافي والدكتورة حنان عشراوي، عندما كانوا يأتون إلى تونس بشكل سري لمقابلة الزعيم ابوعمار والقيادة الفلسطينية للتشاور فيما أعلن عنه دوليا بمؤتمر مدريد السلام والشروط المطلوبة من المنظمة للمشاركة فيه .

كان عبد الشافي وعشراوي وعريقات يحضرون إلى تونس سرا عن طريق باريس ، حيث كانت السلطات التونسية لا تختم جوازات سفرهم بطلب من منظمة التحرير الفلسطينية حتي لا تقوم إسرائيل باعتقالهم استنادا إلى قانون منع فلسطينيي الداخل من الاتصال بمنظمة التحرير الفلسطينية تحت طائلة السجن ..

وقد تردد الفرسان الثلاثة اكثر من مرة على تونس تحت طائلة العقاب والسرية .

وكانت المغامرة الكبري هي حضورهم دورة المجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة فى الجزائر وبحضور كافة فصائل المنظمة للموافقة على حضور مؤتمر مدريد السلام والذي كان يتطلب موافقة المنظمة على قراري مجلس الأمن رقم 242 و338 كشرط أساسي لحضور مؤتمر مدريد للسلام .

كان ابوعمار يريد إقناع فصائل المنظمة بالموافقة على قراري 242 و 338 ، ولم يجد سلاحا يقنع أعضاء البرلمان بالموافقة الا احضار المناضل حيدر عبد الشافي والدكتورة حنان عشرواي وصائب عريقات لإقناع أعضاء البرلمان بالموافقة على القرارين وكذلك حضور مؤتمر مدريد السلام.

وفعلا وبعد إتخاذ الترتيبات اللازمة لحضور عبد الشافي وعشراوي وعريقات لحضور احدي جلسات المؤتمر فى الجزائر ، كانت المعضلة الكبري هي اعتقالهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاتصالهم بمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومن أجل السرية وقد كان ذلك فى اليوم الثاني المقرر لحضور وفد الداخل لمخاطبة أعضاء البرلمان الفلسطيني ومع وجود المئات من الصحفيين العرب والأجانب الذين يغطون أشغال دورة البرلمان ، كان لابد من ابعادهم حتي لا يصورون او يشاهدون حضور الأعضاء الثلاثة ، وهنا كان لابد من أشغال الصحفيين حيث تم الاتفاق مع المناضل الراحل احمد عبد الرحمن الناطق الرسمي باسم دورة المجلس على عقد مؤتمر صحفي يعلن فيه بعض القرارات الهامة ولكن فى فندق الاوراسي البعيد جدا عن قصر الصنوبر الذي يحتضن الجلسات وكذلك فى نفس توقيت الجلسة التى سيتحدث فيها عبد الشافي وعشراوي وعريقات ، وبالفعل نجحت الخطة بالنسبة للصحفيين ، ونجح الثلاثي فى إقناع أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بالموافقة على قراري مجلس الأمن وحضور مؤتمر مدريد للسلام.

* الحطة الفلسطينية على أكتاف عريقات وذهبنا إلى مؤتمر مدريد للسلام وقد كنت ضمن الفريق الإعلامي الذي يقوده الراحل احمد عبد الرحمن مسؤول الإعلام الفلسطيني الموحد ..

وهناك تعرفت جيدا على هذا المناضل القادم من رحم الأرض المحتلة .. والذي فارقنا اليوم صائب عريقات .. والذي يفجر فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قنبلة كادت ان تودي بالمؤتمر .. وتتلخص تلك القنبلة فى دخول صائب عريقات القاعة مرتديا الحطة الفلسطينية واضعا اياها بشكل لافت وكبير على كتفيه العريضتين ويجلس فى مقعده خلف الدكتور حيدر عبد الشافي .. مما استفز الوفد الإسرائيلي برئاسة اسحق شامير والذي طالب رئاسة المؤتمر بأن يقوم صائب عريقات بخلع الحطة الفلسطينية، وعندما ابلغت رئاسة المؤتمر ذلك إلى عريقات رفض بشدة وقال لهم اطلبوا من شامير ووفده ان يخلعوا/ القلنسوة/ الصهيونية التى يضعونها فوق رؤوسهم.. وساعتها ايضا سوف أغادر المؤتمر .

وقد كان ان استأنف المؤتمر أشغاله بوجود عريقات وحطته الفلسطينية التى ظلت على كتفيه طوال جلسات المؤتمر والتى شكلت حدثا بارزا طيلة المؤتمر .

طاهر الشيخ* إعلامي فلسطيني قام بتغطية أعمال مؤتمر مدريد للسلام

تونس 10 نوفمبر2020