تونس: مع اقتراب سقوط نبيل القروي، هل سيتنافس قيس سعيد مع عبد الفتاح مورو؟

الانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس، أصبحت ساحنة، ولا تكاد تعطي مؤشرات واضحة، حتى لحظة كتابة هذه السطور.

المفاجأة التي جاءت بها الدورة الأولى بصعود مرشحين إثنين، غير متوقعان للدورة الثانية، وهما استاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، الذي، بحسب المعطيات الواضحة، لم يقم بحملة انتخابية، والثاني، رجل الإعلام، المثير للجدل، والمسجون بتهمة التورط في قضايا فساد مالي، والتهرب الضريبي، نبيل القروي.

هذه المفاجأة، لازالت تأتي بمفاجآت، البداية كانت ما أحاكته مواقع التواصل الاجتماعي حول داعمي قيس سعيد، من السلفية الجهادية، والأحزاب الإسلامية، وفي مقدمتها حزب حركة النهضة، بما يحيل إلى أن الإسلاميين سيكونون في قصر قرطاج.

بينما الرجل القابع خلف القضبان، والذي ترفض السلطات القضائية الإفراج عنه ، والسماح له بالقيام بحملته الانتخابية، الأحداث تسارعت وكشفت كارثة كبرى، ربما تكون سببا في إزاحته تماما من السباق الرئاسي والتشريعي، الذي يخوضه حزبه، ويأمل مؤيدوه في أنه إن لم يصل إلى منصب رئيس تونس، فإنه حتما سيكون رئيس الحكومة.

الكارثة تتمثل في وثيقة منشورة على موقع وزارة العدل الأمريكية، تتعلق بتعاقد نبيل القروي، مع شركة ضغط سياسي "لوبيينغ" كندية، يديرها ضابط سابق في الموساد.

وتضمنت الوثيقة بنودا تنص على أن نبيل القروي كلف شركة "ديكنز أند مادسون"، المختصة في العلاقات العامة والتعبئة، بالقيام بحملة لفائدته، هدفها تنظيم لقاءات مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وشخصيات أخرى فاعلة لدعمه في الانتخابات الرئاسية مقابل مليون دولار أمريكي.

وقد تم دفع جزء من قيمة العقد (250 ألف دولار) مع التعهد بدفع ما تبقى قبل منتصف أكتوبر2019.

ويدير شركة "ديكينز أند مادسون" ضابط استخبارات سابق في الجيش الإسرائيلي، آري بن ميناش، وهو وتاجر سلاح دولي ومستشار سابق لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية.

وقد أثار الأمر استهجانا وتنديدا كبيرين، وتتالت ردود أفعال الأحزاب السياسية التي اعتبرت أن ما قام به نبيل القروي مس بالسيادة التونسية ورغبة في التأثير على اختيارات الناخبين من خلال ضخ تمويلات كبيرة.

وبالفعل تم رفع الامر إلى القضاء من جانب أكراف سياسية اتهمت نبيل القروي بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي وتبييض أموال وتلقي أحزاب سياسية لأموال من جهات أجنبية وحيازة أموال في الخارج .

وبما أن القضية تفجرت قبيل الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي تجرى في 13 أكتوبر2019، وتوجد جريمتان ثابتتان على الأقل، وهما البحث عن دعم أجنبي، وتجاوز سقف التمويل الانتخابي، قد يترتب على ذلك إسقاط ترشيح نبيل القروي وإسقاط قائماته في الانتخابات التشريعية التي تجري الأحد.

هذه المستجدات وضعت الهيئة المستقلة للانتخابات أمام أزمة، وفي تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أفاد رئيس الهيئة، نبيل بفون أنه تم إعلام الهيئة بالوثائق المنشورة، وأن الهيئة ستتثبت من هذه الوثائق وما ورد فيها لمعرفة كيفية تبويبها في صورة صحتها واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأيضا تم فتح التحقيق التثبت في مصادر تمويل رئيسة جمعية "عيش تونسي" ألفة تراس، وتورط حركة النهضة مع شركات ''اللوبييغ'' في الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما أكد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي بتونس سفيان السليطي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء.

وإذا ما ثبت تورط نبيل القروي، ثم إزاحته من السباق الرئاسية، يكون قيس سعيد في منافسة مع ممثل حزب حرجة النهضة، عبد الفتاح مورو، مما يضع الناخب التونسي امام إختيار بين السلفية والحركة الإسلامية.