موسكو ترفض "استقواء واشنطن": تفوّت فرصة تحسين العلاقات

ذانيوز أونلاين// عبرت وزارة الخارجية الروسية لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن رفضها لسعي الولايات المتحدة إلى خفض الإمكانات الاستراتيجية للاتحاد الروسي، مضيفة أن ذلك يدخل في مجال "تفويت الفرص لتحسين العلاقات بين البلدين".

وقالت الوزارة إن واشنطن "تحاول فرض أجندات الحوار الاستراتيجي بين البلدين، حسب مصالحها وتطلعاتها فحسب"، بعد أسابيع من لقاء الرئيسين الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتن في سويسرا.

وكان نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف قد أعلن الاثنين، أن بلاده والولايات المتحدة في أقرب منطقة لإعادة إحياء العلاقات بينهما، معلقا على الحوارات الراهنة بين الطرفين بالقول: "نقلنا سريعا إلى الأميركيين مقترحاتنا حول كيفية تنظيم حوار في مجال الاستقرار الاستراتيجي، من دون توقف، وبدأنا مناقشة الأمن السيبراني، وكانت هناك مناقشات تجارية حول العلاقات الثنائية".

التصريحات الدبلوماسية الروسية بنيت على ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أعلن أوائل هذا الأسبوع أن القمة الرئاسية الروسية الأميركية في مدينة جنيف "حدثت بطريقة صريحة وعملية"، لكنه حذر بالمقابل من "محاولات واشنطن إجراء الحوار مع موسكو من موقف قوة لأنها ستفشل" وفق تعبيره.

وتواصل موقع "سكاي نيوز عربية" مع عدد من الباحثين والخبراء الاستراتيجيين الروس، لتبين الملفات التي يتناولها الطرفان في الحوار الاستراتيجي المذكور، وتفاصيل التباينات بين الطرفين بشأنها.

الباحث الروسي الخبير بالشؤون الأميركي كوستال نوفيكوف، شرح أهم الملفات العالقة بين البلدين، وأبرزها الأسلحة الاستراتيجية، قائلا: "بعد 10 سنوات من أهم اتفاقية ثنائية في مجال توازن التسلح بين البلدين، التي تم ضبطها من خلال معاهدة نيو ستار 2010 بينهما وحدت من سباق التسلح بينهما، تعاد إثارة الموضوع راهنا، وإن كان البلدان قد أعادا في أوائل هذا العام تمديد المعاهدة إلى عام 2025، فإن ثمة فقدان للثقة بشكل تام بينهما حول الالتزام بها".

ويضيف نوفيكوف في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "المعاهدة حددت أعداد الرؤوس النووية إلى قرابة 1500 صاروخ، وحوالي 700 منصة لإطلاق الصواريخ كحد أعلى، مع تخفيض الزائدة منها خلال 7 سنوات من التوقيع. إلا أن روسيا تتهم الولايات المتحدة بتجاوز مضامين تلك الاتفاقية، من خلال عدم التمكن من التحقق من تقارير الولايات المتحدة التي تقول إنها ألغت العشرات من منصات الإطلاق".

و"المسألة الأخرى تتعلق بمحاولة الولايات المتحدة نشر المزيد من الأسلحة الاستراتيجية في الحدود الروسية، إن من خلال نشر الأسلحة الأميركية في بولندا، أو محاولة إدخال أوكرانيا إلى حلف الناتو، والموضوعان يمسان الأمن القومي الروسي"، وفق المتحدث.

والتفصيل الأخير بشأن خلاف الدولتين، حسب المراقبين الروس، يتعلق بالاستقرار السياسي والهدوء الأمني في منطقة شرق القارة الأوربية، التي يعتبرها الطرفان جزءا من أمنهما بعيد المدى.

إذ ترى الولايات المتحدة في التدخل والاقتطاع الروسي لمناطق من أوكرانيا، أو التأثير على الحياة الداخلية لعديد من دول شرق أوربا الأصغر حجما، أنما هي مسا بالأمن القومي للاتحاد الأوربي، وتاليا حلف الناتو والولايات المتحدة.

فالولايات المتحدة تطالب روسيا بالالتزام بالقرارات والتوجهات الاستراتيجية التي يمكن لهذه الدول أن تتخذها كتحالفات، إذ أن ذلك جزء من قراراتها السيادية، إلا أن موسكو تعتبر أن هذا المنحى الأميركي ليس إلا محاولة لحصار روسيا جيوسياسيا.

وترى الباحثة الروسية في مركز القرن الـ21 ميرال سبانيتان، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن دور الصين وتحالفات الشرق الأوسط في هذه المداولة الاستراتيجية الثنائية بين موسكو وواشنطن "ينمي إحساسا عميقا لدى النخبة الأميركية الحاكمة بأن بكين تهديد استراتيجي تاريخي بالنسبة لها ولحلفائها الأوروبيين، وأن روسيا يجب أن تحدد موقعها الاستراتيجي من هذا الاستقطاب العالمي، وأن منطقة الحياد التي تحول البقاء فيها إنما يجعلها فعليا أقرب للصين، لتشابه النظامين سياسيا، وللتواصل الجغرافي وتداخل المصالح بينهما، وهو أمر ترفضه روسيا تماما، ويعتبر أن الصراع الصيني الأميركي في بعد منه إنما هو مجرد اختراع أميركي في سبيل صناعة عدو وظيفي يتم استخدامه للخطاب الداخلي وتكثيف الروابط بين المجتمعات المحلية والنخب الحاكمة".

وتضيف الباحثة: "في الشرق الأوسط ثمة ما يشبه ذلك إلى حد بعيد. فبينما تعرض الولايات المتحدة على الطرف الروسي حوارا وشراكة في التعامل مع قضايا ومعضلات هذه المنطقة ليتم حلها بشكل، تلبي الحاجات الطبيعية للأمن الاستراتيجي للبلدين. وهو منطق ترفضه روسيا وتعتبره فاشلا وغير قابل للتطبيق، بل تعرض أن يكون هناك ما يشبه التقاسم لمناطق ودول النفوذ بين البلدين، مع مجموعة من التعهدات المتبادلة، وهو أمر غير مقبول أميركيا".